رأت أوكرانيا بعد إعلانها استعادة مدينة خيرسون التي انسحب منها الروس، أنها تسير نحو تحقيق "انتصار مشترك" للغرب، في حين رأت لندن في الانسحاب "خسارة استراتيجية جديدة" لموسكو. وأكد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا السبت خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في كمبوديا "قلة من الناس آمنوا بأن أوكرانيا ستنجو... فقط بعملنا معًا يمكننا أن ننتصر ونخرج روسيا من أوكرانيا... سيكون انتصارنا المشترك انتصارًا لكل الدول المحبة للسلام في كل أنحاء العالم". وأشاد بلينكن "بالشجاعة الرائعة" للجيش والشعب الأوكرانيين، ووعد بأن الدعم الأميركي "سيستمر طالما لزم الأمر" لإنزال الهزيمة بروسيا. وقال كوليبا في وقت سابق إن أوكرانيا "تكسب معارك لكن الحرب مستمرة"، وأضاف خلال لقاء مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي على هامش قمة رابطة جنوب شرق آسيا (اسيان) "طالما أن الحرب مستمرة ونرى روسيا تحشد المزيد من المجندين وتجلب المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا سنواصل بالتأكيد التعويل على دعمكم المستمر". من جانبه، رأى وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن الانسحاب الروسي من خيرسون يشكل "خسارة استراتيجية جديدة" لموسكو، مشيرا إلى أنه في فبراير "فشلت روسيا في السيطرة على أهداف رئيسة حددتها غير خيرسون". وأضاف "حالياً ومع (هذه المدينة) التي انسحبوا منها أيضاً، يجب أن يتساءل الناس في روسيا: ما الجدوى من كل ذلك؟". قبل ذلك، قال جايك ساليفان مستشار الأمن القومي للرئيس جو بايدن "يبدو أن الأوكرانيين حققوا للتو انتصارًا استثنائيا"، مشيرا إلى أن "العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها روسيا في هذه الحرب عادت الآن تحت العلم الأوكراني وهو أمر رائع". وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته اليومية مساء الجمعة إنه "يوم تاريخي. نحن نستعيد جنوب البلاد ونستعيد خيرسون"، وأضاف أن "القوات الخاصة موجودة في المدينة"، موضحا أن مهمتها الأولى ستكون إزالة العديد من الألغام التي خلفها الجيش الروسي منذ احتلاله المدينة في منتصف مارس. ونشر زيلينسكي تسجيل فيديو على تطبيق تلغرام قال إنه جاء من خيرسون ويظهر فيه جنود أوكرانيون يؤكدون أنهم من "اللواء 28" وسط حشد يهتف ليلا للجيش الأوكراني. أخيرًا مدينتي الحرة وهذا هو الانسحاب الروسي الكبير الثالث منذ بداية الغزو في 24 فبراير. فقد اضطرت روسيا إلى التخلي عن الاستيلاء على كييف في الربيع في مواجهة المقاومة الشرسة من الأوكرانيين قبل طردها من كل منطقة خاركيف (شمال شرق) في سبتمبر. ومساء الجمعة في ساحة الاستقلال الرمزية في كييف احتفل سكان خيرسون الذين كانوا لاجئين منذ أشهر في العاصمة بالنبأ بابتهاج. وقالت ناستيا ستيبنسكا (17 عاما) التي رسمت ألوان علم أوكرانيا على وجهها والدموع في عينيها "أخيرًا مدينتي حرة... المدينة التي ولدت فيها وعشت فيها طيلة حياتي"، وقالت تلميذة المدرسة الثانوية "عندما وصلوا (الروس) كان الأمر مروعًا. لم نكن نعرف ما الذي سيحدث في اليوم التالي إذا كنا سنبقى على قيد الحياة". وأكدت أنها "في حالة من الصدمة". الجمعة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أكملت في الساعة 05,00 بتوقيت موسكو (02,00 ت غ) "إعادة نشر" وحداتها من الضفة اليمنى (الغربية) لنهر دنيبرو، حيث تقع مدينة خيرسون إلى الضفة اليسرى. وأكدت أن القوات الروسية لم تتكبد أي خسارة ولم تترك معدات عسكرية وراءها. وأوضحت موسكو أنه تم سحب "أكثر من 30 ألف" جندي روسي و"نحو خمسة آلاف قطعة أسلحة وآلية عسكرية" من الضفة الغربية للنهر. لكن هذا التراجع يحمل كل سمات الانكسار بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نهاية سبتمبر ضم أربع مناطق أوكرانية بينها خيرسون. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة إن خيرسون ورغم من الانسحاب تبقى "خاضعة لروسيا الاتحادية"، وأضاف في أول تعليق للرئاسة الروسية على هذا الانسحاب "لا يمكن أن يكون هناك تغيير". في جنوبأوكرانيا أيضًا أعلن فيتالي كيم حاكم منطقة ميكولايف مساء الجمعة أيضًا أنها "تحررت بالكامل". مطالب غريبة مع اقتراب قمة مجموعة العشرين التي تضم القوى الاقتصادية العالمية الأسبوع المقبل في إندونيسيا وإعلان بوتين عدم المشاركة فيها، أرادت الرئاسة الفرنسية أن ترى فرصة لإجراء حوار. وقال أحد مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "هناك مساحة واضحة جدا في مجموعة العشرين لحمل رسالة سلام ومطالبة روسيا بالدخول في منطق وقف التصعيد". وأضاف أن معظم دول مجموعة العشرين "تعتبر أن هذه الحرب هائلة ولا تحتمل بالنسبة إلى بقية العالم". وردا على سؤال عن معلومات تفيد بأن إدارة بايدن بدأت في الضغط على الرئيس زيلينسكي للنظر في مفاوضات مع موسكو، قال جايك ساليفان السبت إن روسيا لا تزال لديها "مطالب غريبة" بشأن إجراءات الضم التي أعلنتها. وأضاف أن "أوكرانيا هي طرف السلام في هذا النزاع وروسيا هي طرف الحرب، روسيا غزت أوكرانيا وإذا اختارت روسيا وقف القتال في أوكرانيا والمغادرة فسيكون ذلك نهاية الحرب، وإذا اختارت أوكرانيا وقف القتال واستسلمت فستكون نهاية أوكرانيا". وتابع "في هذه الأجواء يبقى موقفنا على حاله كما كان في الماضي وبشكل أساسي بالتشاور الوثيق وبدعم الرئيس زيلينسكي". وكرر الرئيس الأوكراني هذا الأسبوع أن الشرط الأول للتفاوض هو الانسحاب الكامل للقوات الروسية التي دخلت أوكرانيا في 24 فبراير.