رغم ان المشهد السياسي المتجدد على الساحة الباكستانية، حول مسألة اغتيالات الشخصيات الكبرى، قد يكون مألوفا، بالنظر الى تاريخ الاغتيالات التي تمت منذ عدة عقود، الا ان محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق عمران خان، اعادت العنف السياسي في باكستان إلى الواجهة مجددا، حيث شهدت الحقبة الماضيةً أكثر من عملية اغتيال، استهدفت قادة سياسيين وناشطين وقضاةً؛ الا ان محاولة اغتيال رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، بحسب الخبراء الباكستانيين، اخذت منحى مختلف، كونها جريمة غير مكتملة العناصر، وطرحت عدة اسئلة من حيث التوقيت والمكان الذي تمت فيه، وافتقاد الترتيبات الامنية، حيث اصيب عمران خان بطلق في رجله، كما اصيب عدد من انصاره المتواجدين على شاحنة مكشوفة، لا يوجد بها اي ترتيبات امنية ولا زجاج مضاد للرصاص . وبحسب مصادر باكستانية للرياض، ان محاولة الاغتيال تمت في اقليم البنجاب، والتي تقع ضمن اطار الحكومة الاقليمية الائتلافية لعمران خان، وجميع الضباط والوكالات الامنية تعمل وفق توجيهات رئيس وزراء اقليم البنجاب المؤتلف مع حزب عمران، وافصحت المصادر انه كان هناك قصورا كبيرا في الترتيبات الامنية لحافلة عمران خان، المشهد الاخر في محاولة اغتيال خان، ان رئيس الوزراء السابق اتهم كلا من رئيس الوزراء شهباز شريف، ووزير الداخلية وجهاز الاستخبارات بمحاولة اغتياله، لنقل مشهد عمليات الجريمة، لملعب الحكومة والجيش، الذي ندد فورا بمحاولة اغتيال عمران وادان العملية. وأعرب الجيش الباكستاني فى بيان له، عن حزنه العميق على مقتل شخص فى الحادثة، وتمنى الشفاء العاجل للمصابين. وقال عمران خان: "كنت أتلقى معلومات مسبقًا تفيد بأن هذا سيحدث، هؤلاء الرجال بحاجة إلى إبعادهم من مناصبهم، وإذ لم يتم إبعادهم فستكون هناك احتجاجات". هذه التصريحات في ظل المعطيات على مسرح الجريمة، اعطت مؤشرات مختلفة تماما عن المحاولة، بزعم رواية المعارضة. وحول الاتهامات لرئيس الوزراء ووزير الداخلية والجيش بمحاولة اغتيال خان، يرى الخبير الباكستاني فضل بانغش، أنها محاولة من جانب حزب الإنصاف، لاستغلال محاولة الاغتيال من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وهي إسقاط الحكومة الحالية، والذهاب نحو انتخابات مبكرة، وهو الأمر الذي يسعى له الحزب منذ خروجه من السلطة. فيما قالت المحللة السياسية الباكستانية، لبنى فرح، إن محاولة اغتيال عمران خان، أتت بسبب الشعبية الكبيرة التي يحظى بها، والتي ظهرت خلال المظاهرة الضخمة التي يقودها إلى إسلام آباد، لانتقاد الحكومة الحالية. بدوره يرى المحلل الاستراتيجي الباكستاني، حذيفة فريد، أن إصابة عمران خان بأي مكروه سيشعل باكستان كلها، في وقت تمر به البلاد بأزمة سياسية خانقة، بين إصرار الحكومة على إكمال فترتها الدستورية، ورغبة عمران خان في تنظيم انتخابات مبكرة من جهة، والتلاسن بين خان وقادة الجيش من جهة أخرى. المشهد الثالث، والاكثر اهمية في سيناريو محاولة الاغتيال؛ ان المسلح الذي اطلق النار على خان، اعترف انه كان يستهدف عمران شخصيا، وقال في فيديو سرّب للاعلام، إنه أقدم على ذلك بسبب أنه يقوم بتضليل الشعب ببياناته وحديثه في السياسة، وشدد على أنه قام بهذا الأمر دون أي توجيه من أحد، موضحا ان عمران خان كان يقوم بتشغيل الاغاني وقت الصلاة، خلال مسيرته الاحتجاجية. وتبحث السلطات الامنية في اي ارتباط للمسلح بتنظيمات متشددة، ونفى المسلح الذي يبلغ من العمر 28 عام أي ارتباط باي تنظيم. بالمقابل نظم انصار حزب رئيس الوزراء الباكستاني السابق، عمران خان، احتجاجات بعد "محاولة الاغتيال"في عدد من المدن الباكستانية، وحرق المتظاهرون إطارات مطاطية في عدة مدن، وأغلقوا الطرقات، ما أدى إلى شل حركة المرور في مدن كثيرة. وطالب المتظاهرون بالقبض على الفاعلين وتسليمهم للعدالة، وأكدوا أن عمران خان خط أحمر بالنسبة لهم، ورددوا هتافات مناهضة للحكومة. ويقود عمران خان مسيرة احتجاجية نحو إسلام آباد للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، والتي من المتوقع ان تحصل على دعم معنوى من الشارع الباكستاني، بعد فشل محاولة اغتيال عمران خان . ردود الأفعال وفي ردود الفعل، أدان البيت الأبيض "بشدة" الهجوم على عمران خان، ودعا جميع الأطراف للامتناع عن العنف في السياسة. من جهته وصف الرئيس الباكستاني عارف علي، في تغريدة على تويتر، إطلاق النار بأنه "محاولة اغتيال شنيعة"، وكتب "أشكر الله أنه بخير، لكنه أصيب ببضع رصاصات في رجله، وهي إصابة غير حرجة". ويرى مراقبون أن محاولة الاغتيال ستعزز رصيده الانتخابي، وتزيد منسوب التعاطف معه. وقد أقصي خان، بطل الكريكت السابق، عن السلطة في أبريل، بناء على اقتراح بحجب الثقة عن حكومته، بعد انشقاق بعض شركائه من التحالف، لكنه لا يزال يحظى بتأييد شعبي كبير.