أعتذر عن كل ما قد يُفهم أنه إساءة، أعتذر لمهنة ورسالة الإعلام والصحافة التي هي سامية، أعتذر من الاعتذار نفسه وأنا أكتب هذه الكلمات منتقدا وواصفا البعض من أصحاب مهنتي بصفات قد تكون قاسية، وتذكرت الشاعر العربي الأصيل (المقنع الكندي) حين تحامل على نفسه كي لا ينتقد بني عمومته حين قال: وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا فقد أُبتلي الإعلام في الآونة الأخيرة بأشخاص أصبح همهم الإثارة غير مبالٍ بأي وادٍ هلك، أصبح الكذب لهم عنوان، والتدليس ميزة وعلامة تجارية، ركضا خلف الأرقام واعتلاء الترندات، حقا كان قوله أو باطلا، مخالفا حتى لنفسه، متعارضا ومتناقضا لنفسه، فتراه يقول في هذا البرنامج ما يخالفه في البرنامج السابق، وإذا ما واجهته بكلامه راغ كما يروغ الثعلب. في البداية كنا نظن أنه عشق وحب وهيام لناديه، وكلنا نحب أنديتنا ونميل لها وهذا ليس عيبا، لكن تفاجأنا أن البعض قد تبرأ منه ناديه الذي يدعي أنه يدافع عنه، وقد اتهمه ناديه بالكذب والتدليس، فالأمر هنا جدا خطير، فالميول ليس هو السبب، إنه في الحقيقة مرض وداء، فهناك أشخاص لا يحبون المشهد العادي، بل يحبون الأفلام الهندية، والمصيبة أن المصاب بهذا المرض من الصعب أن يبرأ، أو يتوقف حتى وإن واجهته، تذكرت من ادعى أنه تواصل مع والدة أحد اللاعبين أثناء أحد البرامج الرياضية، وتبين أن والدته متوفية منذ سنوات، قد تقول أخطأ والخطأ وارد، وأنا معك في ذلك، لكن الموضوع لم يتوقف عند الخطأ غير المقصود، بل أصبح مخططا له، وخلفه أهداف وتخطيط لعمل معيّن، وإلا فكلنا نخطئ ونعود للصواب، لكنه لا يعود إلا بحكم شرعي أو تنفيذ قرار لجنة بالاعتذار الإجباري، وليته يقف بل لا يزال يعاند. لم أكن أرغب بالحديث عن هؤلاء لكن الموضوع كبر واتسع، حتى صرت أخاف على الأجيال القادمة وأبنائنا الصغار من التأثر بهذه الشخصيات، تراه داخل الاستوديو، الاسم إعلامي والوظيفة مشجع، بل شاهدنا مشجعين في البرامج أكثر عقلانية واتزانا، فإلى متى يستمرون؟! وعتبنا على بعض إدارات البرامج التي تسمح لهذه النوعيات أن تكبر وتتكاثر في الساحة، مصدرين أفكارهم العقيمة وتعصبهم البغيض إلى المجتمع والمجالس والساحات والترندات، كما أهمس في أذن صنّاع القرار في الرياضة السعودية الاهتمام بهذا الشأن وأن يكون هناك شهادة لممارسة الإعلام، وأن نكافح الخطأ قبل وقوعه، فقد اتهمكم البعض أنكم من سمحتم لهم وشجعتموهم لتزيد المتابعات، وأنا متأكد أن ذلك لم يأت. لن نسير خطوة للأمام ونحن مقيدون من الخلف، وكما قال الشاعر: مَتى يَبلُغُ البُنيانُ يَوماً تَمامَهُ .. إِذا كُنتَ تَبنيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ كيف نصل ونرتقي برياضتنا ونكون متابَعين داخليا وخارجيا إذا سمحت لهؤلاء من البقاء، أصبح حلاوة في فم كل البرامج، وأصبح هولاء اللاشيء هم الضيوف الرئيسيون، يعلم الله أن هذا ليس حسدا، لكنها الأمانة التي يجب ألا نتنازل عنها.