يُحتفل باليوم العالمي للادخار في الواحد والثلاثين من شهر أكتوبر من كل عام وهو ما يصادف هذا اليوم والهدف من تحديد هذا اليوم الترويج للادخار في كل العالم ونشر الوعي لدى المجتمع بأهمية الادخار، كنت في نقاش قبل أسبوع مع ماجد ومحمد وهم من أفضل المخططين العمرانيين الذين قابلتهم بمسيرتي المهنية في حديث شيق عن التخطيط الاقتصادي لأمور حياتنا وكيف هي حال الأغلبية مع هذا الأمر وبصراحة اتفقنا بأن مفهوم التخطيط الاقتصادي لأمور حياتنا وخاصة ما يتعلق بثقافة الاستهلاك والادخار بالشيء الغريب أو الجديد، ولكن قبل 1400 عام.. القران الكريم أشار إليه في أكثر من موضع، ومنها ما ذكر في خطَّة يوسف عليه السلام في مواجهة المجاعة المقبلة على مصر، يقول الله تعالى: «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبَاً فَمَا حَصَدْتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ»، لذا عزيزي القارئ بادر بوضع أهدافك في برنامج عملي قابل للتنفيذ، ورسم صورة واضحة للمستقبل وتحديد الخطوات الفاعلة للوصول إلى هذه الصورة، وكيف تتعامل مع الزمن وتختار الأولويات في أمورك المالية والمادية. وما أشاهده وأعترف به بأن الحلقة الأضعف في حياتنا هي أن التخطيط الاقتصادي لا ينفذه إلا القليل، والذي نفعله دائماً أن عندنا مجموعة من النيات والأفكار التي نرى أهميتها، وقد نصل إلى تحقيقها، وقد تصرفنا مشاغل الحياة التافهة عن إدراكها ، فنعيش على هامش الحياة بأهداف وطموحات لا تجد طريقها إلى التحقيق. وكي ندرك أهمية التخطيط في توفير الوقت والجهد والوصول إلى الهدف المنشود نعيش مع تلك القصة الرمزية، فقد كان هناك عاملان في إحدى شركات البناء، أرسلتهما الشركة من أجل إصلاح سطح إحدى البنايات، وعندما وصل العاملان إلى المصعد إذا بلافتة مكتوب عليها «المصعد معطل»، فتوقفا دقيقة يفكران ماذا سيفعلان، لكنهما حسما أمرهما سريعاً بالصعود على الدرج بالرغم من أن العمارة بها أربعون طابقاً، سيصعدان وهما يحملان المعدات لهذا الارتفاع الشاهق، لكنها الحماسة وبعد جهد مضن، وعرق غزير، وجلسات استراحة كبيرة، وصلا أخيراً إلى غايتهما، هنا التفت أحدهما إلى الآخر وقال: لدي خبران أود الإفصاح لك بهما، أحدهما سار والآخر غير سار، فقال صديقه: فلنبدأ بالسار، فقال له صاحبه: أبشر، لقد وصلنا إلى سطح البناية أخيراً، فقال له صاحبه بعد أن تنهد بارتياح: رائع لقد نجحنا، وما الخبر السيئ؟ فقال له صاحبه في غيظ: هذه ليست البناية المقصودة!. في هذه الحياة هناك من يمضي كهذين العاملين، يجد ويتعب ويعرق، ثم في الأخير يصرف كل ما لديه لأنه لم يخطط جيداً قبل أن يخطو، ولم يضع لنفسه برنامجاً دقيقاً يعرف مايتبقى له من مال لعوز الزمن ليت كل منا يضع هذين التساؤلين أمام عينيه: ماذا أريد من أساسيات وكماليات في حياتي للفترة الحالية والمستقبلية؟ وكيف أفعل ما أريد بأقل تكلفة ممكنة؟.. دمتم بود