«إذا وضعت أفراداً جيدين في منظومات سيئة، فسوف تحصل على نتائج سيئة». بهذه المقولة يلخص «ستيفن كوفي» ظاهرة تتكرر في بيئات العمل، نلاحظها جلياً عندما يتم استقطاب موظفين مميزين من مؤسسات «رائدة» إلى مؤسسات «متعثرة».. يتم استقطابهم صحيح.. لكن لا يتم تمكينهم بالمستوى المطلوب لإحداث التغيير المنشود، فيتركون بلا رعاية أو دعم حتى يصلون إلى مرحلة الإحباط، فيضطرون إلى المغادرة قبل إتمام العام الأول، تلاحقهم اتهامات «الحرس القديم» بأنهم فشلوا، والحقيقة إنه أريد لهم أن يفشلوا! مشكلة كبرى عندما تكون بيئة العمل غير صالحة لاستقبال الموظفين المميزين، عندئذ يصبحون ضحايا عروض قدمت لهم بلا منظومة توفر لهم أسباب النجاح.. تلك بيئات عمل قد تكون جاذبة على «الورق» فقط، تغريهم بالعروض، لكنها فعليا بيئة طاردة عندما ينضمون إليها ويمارسون العمل. لنتخيل موظفاً مميزاً استقطب من «أفضل شركة على وجه الأرض» إلى شركة ذات ثقافة إدارية مختلفة كليا، وبدأ هذا الموظف العمل في المكان الجديد، بدأ بلا مسؤوليات واضحة، بلا صلاحيات كافية، بلا موارد وافية، وفوق ذلك يلاقي معاملة «جافة» من مديره، و»غير ودودة» من زملائه، تراه يرسل الرسائل الإلكترونية، فلا أحد يرد، ولا أحد يتجاوب، ثم بعد انعدام كل أشكال الدعم والمساندة، إذا وقع الجميع في ورطة وجهوا اللوم على الزميل الجديد! «التفاح الفاسد» يتوافد على «الاستراحة» ليلاً، يخطط للفوضى الإدارية ويحيك المكائد ضد المميزين في ظل أجواء يغلفها القيل والقال والقهقهة وأدخنة الفواكة المحروقة، ثم يجتمعون في المكتب صباحاً مع أكواب القهوة المحمصة لتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى عرقلة مشروعات التطوير والتكتل ضد «التفاح الجيد» حفاظاً على مصالحهم الشخصية! ولأنه لا يمكن لأحد أن يحدث تحولاً في مؤسسته دون أن يغير الثقافة الإدارية، فيجب على الإدارة العليا أن تعيد حراثة الأرض لتقليب التربة وتنظيفها وتهويتها قبل الزراعة.. قبل نثر البذور وغرس الفسائل! إذا لاحظت الإدارة العليا تعطيلا «متكرراً» يواجه مشروعات التغيير، أو تراكماً متعمداً للملفات المعلقة، أو خروجاً مستنكراً للكفاءات المميزة، فهذه كلها مؤشرات على أن «الحرس القديم» أو «التفاح الفاسد» متغلل في مفاصل المؤسسة ويقاوم التغيير مهما كانت مسمياتهم. لذلك، فعندما يكون المميزون أقلية في وسط أغلبية تحاربهم، يجب أن تسارع الإدارة العليا إلى توفير سبل الدعم بطريقتين: الأولى، تقديم الدعم الرسمي من خلال تحديد مسؤوليات المميزين ومنحهم الصلاحيات وتوفير الموارد، أما الطريقة الثانية، فتتمثل في الدعم غير الرسمي بأن يمارس أحد القياديين دور «الكوتش» لهؤلاء الموظفين، لتذليل الصعوبات ذات الطابع الثقافي أو الاجتماعي داخل المؤسسة. ليس بمقدور التفاح الجيد أن يفعل المستحيل لوحده، فهو يحتاج دائماً إلى الأيدي الصالحة التي تلتقطه وترعاه وتحميه إلى أن تصبح بيئة العمل «نظيفة» بما يكفي لاستبقاء الجيد وإخراج الفاسد!