عندما كنت في المرحلة الابتدائية، درسنا في كتاب المطالعة قصة الأب الذي أراد أن ينصح ابنه بتغيير أصدقائه الفاسدين، ولكن الابن كان يطمئن أباه أن معدنه طيب، وتربيته أصيلة فلن يتأثر بسلوك أصدقائه السيئين وأفكارهم. فما كان من الأب إلا أن أتى بصندوق تفاح من أجود الأنواع ووضع وسطه تفاحة فاسدة وطلب من ابنه أن ينتظر كيف سيكون مصير التفاح.. وبعد أيام فتح الأب الصندوق وقد فسد التفاح كله.. ليقول الأب للابن أرأيت كيف أن تفاحة واحدة فاسدة استطاعت أن تفسد التفاح كله ولم يتمكن كل التفاح الجيد أن يصلح تفاحة واحدة فاسدة... ورغم أن القصة كانت مقنعة تماماً لمعظم من قرأها وقتها، فلو فكرنا قليلاً فسنجد أن وضع التفاح في أجواء حارة وغير مناسبة من الطبيعي جداً أن يجعله يفسد كله. وشخصياً أشك في أن التفاحة الفاسدة لم تكن المذنب الوحيد في تلك القصة بينما كانت الأجواء الحارة والبيئة المحيطة هي أيضاً الفاعل، وأحد المسؤولين الحقيقيين عن فساد التفاح. مقالة اليوم تناقش قضية العلاقات الإنسانية والبيئات وأثرها على النجاح.. بداية، كيف يمكن أن تضاعف فرص نجاحك عشر مرات؟ في الواقع بتغيير عامل واحد فقط يمكن ذلك. وتعلق الرئيسة التنفيذية ا. كيم بيريل بأن تغيير الأشخاص الذين تتعامل معهم كفيل بمضاعفة فرص النجاح، وتمت تجربة ذلك في أكثر من حالة. وتقوم السيدة كيم بيريل في نهاية كل عام بما تطلق عليه عملية تدقيق الحياة (Life Audit) والذي يمكن شرحه بأنه عملية مراجعة شاملة للعلاقات وتقييمها من حيث علاقات تؤدي إلى الإنجاز وشحن الطاقة الإيجابية والتطوير، وعلاقات أخرى سامة تستهلك الأوقات والعواطف والصحة، وتشحن الطاقة السلبية. وبعد ذلك يبدأ العمل على زيادة الأوقات مع الأشخاص الإيجابيين وتقليل الأوقات مع الأشخاص السلبيين وفي أفضل الأوقات قطع العلاقات معهم إذا تيسر ذلك. وبالعودة إلى قصة التفاح، وإذا ما طبقنا نظرية تدقيق الحياة، فيجب ألا تقتصر على الأفراد بل تشمل الأماكن وبيئات العمل وغيرها. وننتقل إلى نصائح عملية من مؤلف كتاب (كيف يقود أفضل القادة؟) السيد براين ترايسي حول بناء الأفراد الذي يعد من أهم عوامل الناجح، وذلك عبر عدد من الأدوات ومنها: التعيين على مهل لاستقطاب الكفاءات والتخلص بسرعة من الأشخاص السلبيين وغير الأكفاء، الحرص على القيام بالمقابلات الوظيفية بعناية، تقديم حسن النية دوماً، عمل الاجتماعات المنتظمة من فترة إلى أخرى، التعامل باحترام والسماح بالأخطاء غير المقصودة. ورغم أن النصائح موجهة للعمل المؤسسي إلا أنه يمكن تكييف عدد منها في الحياة العملية. وختاماً، يتأثر الإنسان بالأشخاص الذين يتعامل معهم والأماكن التي يقضي فيها أوقاته. وإذا كانت حياة الإنسان فيلماً سينمائياً من بطولته، فمن الجيد أن يحرص على نجاحه بصناعة أفضل المشاهد واختيار أفضل الممثلين معه...