يتداول خبراء القيادة والإدارة مقولة شائعة مفادها: «إن الموظفين الجيدين يغادرون حين تكون الإدارة سيئة، أما الموظفون السيئون فيغادرون حين تكون الإدارة جيدة»، هذه العبارة تعكس الدور الحيوي الذي تلعبه الإدارة في تنمية رابط بالولاء بين الموظف ومكان عمله، فما يُحفز الموظفين على الاستمرار في وظائفهم ليس العائد المادي، بل تأتي بيئة العمل في المقام الأول، إذ إن المؤسسة التي يشعر موظفوها بالاحترام والتقدير يرتبطون بها برابط الولاء، الأمر الذي يجعل تركهم للمكان أمرًا صعبا، وبالعودة إلى العبارة التي أوردناها في بداية هذا المقال فإن المقياس الأدق لبيئة العمل الصحية هي تقييم نوعية الموظفين في تلك البيئة. وتكمن أهمية بيئة العمل المحفزة في حفظ كرامة الموظفين الأكفاء وتعزيز شعورهم بالاحترام والتقدير وتعميق ارتباطهم بالمؤسسة، خصوصا مع تصاعد وتيرة الشكوى التي لا يكاد يخلو منها مجلس حين يبدأ شخص واحد على الأقل في التعبير عن شعوره بالحنق والغبن نظير ما يلاقيه من تعنت ممن يمكننا أن نطلق عليهم مصطلح «مدير الصدفة»، وبشكل أدق فهذا الصنف من المديرين هم الأشخاص الذين لا يملكون الحد الأدنى من الكفاية الإدارية، ولكن الصدفة وحدها لعبت دورها لتهديهم المنصب، هؤلاء الأشخاص في الواقع فاقدون للثقة ويسيطر عليهم دائمًا الشعور بالتهديد فتجدهم يحرصون على تقريب غير الأكفاء وتمكينهم ليقوموا فيما بعد بالتسلط على زملائهم الأكفاء والعمل على تحقيرهم والانتقاص منهم وتهميشهم، بل يتجاوز الأمر إلى تدبير المكائد والوشايات مما يخلق بيئة عمل طاردة ومحبطة. هذا النوع من المديرين يحرص على تقديم الرشاوى المعنوية إلى من يلتف حوله من المتزلفين فتجده يغدق عليهم بالمديح، ويحرص على شراء ولائهم عن طريق تشجيعهم على أن يكيلوا صنوف العنت إلى زملائهم الأكفاء. ولما كان الإحساس بالغبن أحد الأسباب المؤدية إلى الاحتراق الوظيفي، الأمر الذي يجعل المؤسسة تخسر كفاءة متميزة كان من الممكن أن يتم استغلالها وتوظيفها لتطوير آليات العمل. علاوة على ذلك فإن هذه البيئة تصيب الثقة بين المرؤوس ورئيسه في مقتل مما يجعل العلاقة بين الأطراف المعنية مبنية على التخوين. وعليه فإذا كان إلكسندر دوماس قد أطلق المثل الشهير: «فتش عن المرأة»، فإننا ومن هذه المقالة نقول في ما يخص بيئة العمل: «فتش عن المدير»، فبيئة العمل المحفزة تتميز بارتفاع درجة الولاء الوظيفي نتيجة رضا الموظفين عن أدائهم وعما تقدمه المؤسسة لهم من دعم وترتبط ارتباطا وثيقا بوجود مدير يمتلك مهارات القيادة كما يجيد فنون الإدارة، أما بيئة العمل الطاردة فتتميز بانخفاض درجة الولاء الوظيفي وضعف الإنتاجية مع ارتفاع الإحساس بالغبن وارتفاع وتيرة تسرب الموظفين مع ارتباط وثيق بوجود أحد مديري الصدفة الذي يمتلك مهارات التطفيش كما يجيد فن اللعب على وتر فرق تسد.