أطلقت كوريا الشمالية صباح الثلاثاء صاروخاً بالستياً متوسط المدى حلّق فوق اليابان قبل أن يسقط في البحر، في حدث غير مسبوق منذ 2017 يشكّل تصعيداً واضحاً في حملة التجارب العسكرية المكثّفة التي تجريها بيونغ يانغ منذ مطلع العام. وآخر مرة حلّق فيها صاروخ كوري شمال فوق اليابان تعود إلى 2017 في ذروة مرحلة "النار والغضب" بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون والرئيس الأميركي في حينه دونالد ترمب. وصباح الثلاثاء أعلن الجيش الكوري الجنوبي أنّه "رصد صاروخاً بالستياً مفترضاً متوسط المدى، أطلق من منطقة موبيونغ-ري في مقاطعة جاغانغ (الشمالية) حلّق فوق اليابان باتّجاه الشرق". وأضاف أنّ الصاروخ حلّق لمسافة 4500 كلم على ارتفاع 970 كلم وبسرعة ناهزت 17 ماخ (أسرع من الصوت 17 مرة). وأكّدت هيئة الأركان الكورية الجنوبية في بيان أنّ الجيش "يبقي على حالة استعداد تام ويتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتّحدة، وفي الوقت نفسه يعزّز المراقبة واليقظة". وتعهّد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول ب"ردّ حازم" على إطلاق الصاروخ البالستي. وبيونغ يانغ التي تمتلك السلاح النووي أجرت هذه السنة سلسلة تجارب غير مسبوقة من حيث الوتيرة، وبلغت هذه التجارب ذروتها الأسبوع الماضي حين أطلق الجيش الكوري الشمالي أربعة صواريخ بالستية قصيرة المدى. وكانت قد أجرت سيول وطوكيو وواشنطن في 30 سبتمبر تدريبات ثلاثية ضدّ غوّاصات، في سابقة من نوعها منذ خمس سنوات. وأتت هذه التدريبات بعيد أيام من مناورات واسعة النطاق أجرتها القوات البحرية الأميركية والكورية الجنوبية قبالة شبه الجزيرة. وكثفت بيونغ يانغ برامج أسلحتها النووية في ظلّ تعثّر المفاوضات مع الولايات المتّحدة، فأجرت عدداً قياسياً من التجارب العسكرية هذه السنة وأقرّت قانوناً جديداً يجيز لها تنفيذ ضربات نووية وقائية بما في ذلك ردّاً على هجمات بأسلحة تقليدية، في خطوة جعلت من قوتها النووية أمراً "لا رجعة فيه". وكوريا الشمالية التي تخضع لعقوبات أممية بسبب برامج أسلحتها المحظورة، تحاول في العادة إجراء تجاربها العسكرية في توقيت يزيد من وطأتها الجيوسياسية. وفي اليابان التي حلّق الصاروخ البالستي فوق أراضيها الشمالية والشمالية الشرقية دعت السلطات سكّان هاتين المنطقتين للاحتماء، قبل أن تؤكّد أنّ الصاروخ سقط في المحيط الهادئ من دون أن يسفر عن إصابات بشرية أو أضرار مادية. وسارع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى التنديد بتحليق الصاروخ فوق أراضي بلاده. وفي حدث نادر، تسبّبت هذه التجربة الصاروخية الكورية الشمالية بتفعيل نظام الإنذار المبكر "جي-أليرت" في اليابان، إذ ظهر على شاشات التلفزيون الوطني "إن إتش كي" تحذير يدعو سكان المناطق الشمالية والشمالية الشرقية للاحتماء داخل مبان أو تحت الأرض. تصعيد كبير من ناحيته، قال ليف-إريك إيسلي، الأستاذ في جامعة إيوا في سيول، إنّه "إذا أطلقت بيونغ يانغ صاروخاً فوق اليابان، فقد يمثّل هذا الأمر تصعيداً كبيراً بالمقارنة مع استفزازاتها الأخيرة". وأضاف أنّ "بيونغ يانغ لا تزال تدور في حلقة من الاستفزازات والاختبارات". واعتبر المحلّل أنّ "نظام كيم يطوّر أسلحة مثل رؤوس حربية نووية تكتيكية وصواريخ بالستية يتمّ إطلاقها من غوّاصات، وذلك في إطار استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى التغلّب على كوريا الجنوبية في سباق على التسلّح وإلى زرع الانقسام بين حلفاء الولايات المتّحدة". ومؤخّراً، حذّر مسؤولون أميركيون وكوريون جنوبيون من أنّ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون يعدّ لإجراء تجربة نووية جديدة.