إذا دقت الساعة الخامسة تفتّحت وردتان في أثير إذاعة الرياض، وفاح العبير بالصوت الجميل للسيدتين إيمان باحيدرة وغادة العلي، من برنامج إذاعي تفاعلي يفوح شذاه في الآفاق ويصل صداه إلى الآماد، ليتسابق المستمعون في أنحاء المملكة الواسعة، وأرجاء الوطن العربي، للاتصال والمشاركة في الموضوعات المطروحة الممزوجة بالجد والهزل المغزولة بالمرح وأطياف السعادة تحوم على السامعين فراشات ملونة في بساتين الأثير، تتقافز من شجرة لشجرة، ومن زهرة لزهرة، ناشرة البهجة والمتعة والفائدة المغلفة في سكر الشوكولاتة ورائحة القهوة. يذكرني برنامج «الساعة خمسة» وأصوات المذيعات البارعات بالمذيعة الفذة الأستاذة نوال بخش، فهي من أعظم الأصوات المثقفة التي أوصلت صوت إذاعة المملكة إلى أنحاء الدنيا، وأكسبت إذاعة الرياض ولاء ملايين المستمعين في أرجاء المعمورة، بصوتها النادر المثقف وبرامجها المتنوعة الراقية التي طرب لها عشاق الأثير ولا زالت تملأ ذاكرة المستمعين.. ربي يسامح المذيعتين إيمان باحيدرة وغادة العلي على تطيير النوم من عيني وحرماني من قيلولة خفيفة، بعد أن سمعت، والكرى يداعبني، قولهن أن النساء هن أكثر من اشترى السلاح في معرض الصقور المقام بملهم قرب الرياض! صوت المذيعة الرقيقة وهي تعلن الخبر اختلط فيه الفرح مع المرح ونبرة خفية من تهديد الرجال الذين قد يحاولون إيذاء المرأة بأي شكل من الأشكال! البرامج التفاعلية صارت غالبة طاغية في إذاعة الرياض، لا يكاد ينتهي برنامج حتى يبتدئ الآخر في موج زاخر من التفاعل مع المستمعين الذين يبدون آراءهم في كل الأمور بصراحة ووضوح، بإدارة وأداء وإعداد مذيعين ومذيعات ومخرجين ومعدين من الوطن نفخر بهم. في البداية كنت أظن هذه البرامج (مجرد ثرثرة) لكن مع المداومة - خاصة أني من عشاق الإذاعة - وجدت فيها فوائد جمة وطرائف وسعة صدر وسعادة، فوق أنها تناسب العصر وتتلاءم مع الإعلام الجديد، فالآراء لا تأتي من المتصلين الكثر فقط، بل أيضًا من المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي. أذكر في برنامج صباحي أن المذيعة المتألقة الدكتورة تهاني عطيف أثارت موضوع الخطوبة ومقدماتها ورؤية المخطوبة، واقترح مستمع كريم البدء بتبادل الصور بين الخاطب ومخطوبته فاشترط مستمع آخر ألاّ ترسل المخطوبة إلا صورتها التي في - بطاقة الأحوال - منعًا للمكياج.. ضحكت المذيعة وأضحكتني وهي تقول مستنكرة بمرح: لا لا.. هذا مستحيل.