قبل أيام، كشف مكتب "إحصاءات العمل" التابع لوزارة العمل الأميركية عن تزايد أعداد الأميركيين الذي يشتغلون بوظيفتين في الوقت نفسه، حيث ارتفع عددهم إلى 426 ألف أميركي في يونيو 2022 مقارنة ب 308 آلاف أميركي في فبراير 2020، يعملون أسبوعيا بمعدل 70 ساعة أو أكثر لمواجهة التضخم. ورغم أني لم أعثر على مثل تلك الإحصاءات على المستوى العربي، إلا أن الوضع ينسحب عربيا، فالموظف الذي يعاني من عجز في ميزانيته الشهرية في ظل احتمالية عدم زيادة راتبه، وتعذر انتقاله إلى فرص جديدة تستلزم متطلبات معينة - كالحصول على مؤهل أو اكتساب مهارات - يستطيع أن يكرس نفسه للبحث عن مصدر دخل إضافي، ليس عن طريق ما هو خارج اختصاصنا - الفرص التجارية أو الاستثمارية - وإنما عن طريق البحث عن وظيفة ثانية. فإذا كنت تعمل 40 ساعة أسبوعيا بوظيفة أساسية مع يومي إجازة، فلديك الإمكانية لاستغلال وقتك وتحسين دخلك من خلال الوظيفة الإضافية، إما حضوريا بعد ساعات العمل الرسمية أو خلال عطلة نهاية الأسبوع أو عن بعد في أي وقت. عليك أن تتمعن في نقاط قوتك الحالية، وحتى الكامنة التي لا علاقة لها بتخصصك الدراسي أو عملك الحالي، فقد تكون قوتك في "هواية" تعشق ممارستها، كالتحرير وإعداد المحتوى والتصوير والتصميم الغرافيكي والتدريب الرياضي. الفرص في السوق كثيرة وتأتي غالبا على شكل "حلول" تعالج المشكلات، فمثلا بعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعاني من ضعف في الجانب الإداري، فصاحب المنشآة قد يكون لديه المال لكن لا يملك الخبرة في الإدارة والتشغيل، ولو امتلكها فتظل هناك تفاصيل - سواء في الإجراءات الداخلية أو المرتبطة بالجهات الحكومية - لا ينبغي أصلا أن يشغل باله ووقته بها، وإنما يسندها إلى الموظف المختص. لذلك، فإن إحدى الفرص الواعدة في السوق أن يستغل الموظفون المتمرسون خبرتهم في تدريب المنشآت الصغيرة والمتوسطة على الإجراءات المتصلة بمجالهم (خدمة التدريب على الإجراءات). فمثلا إذا نظرنا إلى "إدارة الموارد البشرية"، سنجد إنه في الغالب يتم استقطاب خريج أو موظف بخبرة بسيطة، ويطلب منه تشغيل هذه الإدارة من الألف إلى الياء، مما قد يرفع من احتمالية ارتكابه لأخطاء فادحة تعرض المنشأة لمخاطر قانونية. أما إذا تعاقدت المنشأة مع "مدرب إجراءات"، بعدد معين من الساعات على مدى أيام محددة، كما لو أنه مدرس خصوصي، فسوف يتولى تدريب الموظف أو موظفي الإدارة على إجراءات إدارتهم (الموارد البشرية، المشتريات، التسويق..) خاصة إذا كانت إدارات بلا مشرفين أو مديرين أو بلا سياسات وإجراءات مكتوبة أو تتطلب تعاملات معينة مع الجهات الحكومية. "في الحركة بركة" كما يقال، ومع هذه الحركة فقد تصبح يوما ما وظيفتك "الإضافية" سببا لحصولك على وظيفة "أساسية" جديدة، ربما بالراتب الذي يغنيك عن البحث عن دخل إضافي!