عمدت الشركات الوطنية ال (11) الحائزة على جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسعودة لعام 1420ه إلى تدوين خلاصة تجاربها في تطبيق مشروع السعودة في الكثير من وظائفها الإدارية والفنية حيث بدت (الشركات) من خلال هذه الخلاصة - التي طبعت تحت عنوان (السعودة) - في أجمل صور الوفاء تجاه ما يمكن أن يقدم للوطن والمواطن مدركة بذلك واجبها القومي تجاه الفرد والمجتمع وأن الوضع الطبيعي لهيكل القوى العاملة في أي دولة من دول العالم هو أن يمثل المواطنون غالبية اليد العاملة فيها. ويعتبر القطاع الخاص المنفذ الرئيسي للخروج من إشكالية ندرة الوظائف لأن نسبة كبيرة من وظائفه تشغلها عماله أجنبية .. مما شكلت هذه النسبة خللا في هيكلة القوى العاملة بالمملكة وترتب عليه كثير من المعوقات والتعقيدات المتعلقة بعملية سعودة الوظائف فضلا عن النتائج السلبية للعمالة الوافدة سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك. ومن الواضح أن الدولة تبذل جهودا كبيرة لإيجاد البيئة المناسبة والمحفزة للقطاع الخاص لتوظيف السعوديين ويبدو ذلك من خلال الاهتمام الرسمي الذي يؤكد أهمية تنمية القوى البشرية لتتواءم مع احتياجات القطاع الخاص وإعطاء الشركات التي تحقق مستويات عالية في السعودة أولوية في التعاقد وتفعيل دور مجلس القوى العاملة الذي يرأسه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي يولي هذا الأمر جل اهتمامه .. ومن المبادرات الهامة في هذا المجال منح جائزة سموه للشركات التي تحقق أعلى مستويات السعودة وانطلاق برنامج التنظيم الوطني للتدريب المشترك. وبمبادرة من مجموعة شركات عبداللطيف جميل تم دعوة جميع المنشآت السعودية الحائزة على المركز الأول في جائزة الأمير نايف ( شركة الاتصالات السعودية .. الإلكترونية المتقدمة .. السيف للتنمية .. الغاز والتصنيع الأهلية .. عبداللطيف جميل.. الجوف للتنمية الزراعية الأسمنت السعودية .. الغرفة التجارية الصناعية بالرياض .. مستشفيات المانع .. مكة حياة ريجنسي ومؤسسة عكاظ للصحافة والنشر ) تم دعوتها لاجتماع تم عقده في مقر المجموعة في مدينة جدة بهدف تبادل الخبرات والدروس المستفادة في مجال استقطاب وتوظيف وتحفيز السعوديين حيث تم خلاله الاتفاق على عدة نقاط رئيسية أهمها قيام كل منشأة بإعداد ورقة عمل تحتوي على خلاصة تجاربها والدروس المستفادة منها وتشكيل فريق عمل يقوم بدراسة التجارب المعروضة ليتم انتقاء أفضل الأساليب والإجراءات لعملية السعودة. مقومات نجاح السعودة وقد خلصت المنشآت المشاركة في إعداد الدليل إلى أن هناك مقومات أساسية لعبت دورا حيويا في نجاح تجارب السعودة لديها كقناعة الإدارة العليا بالمنشأة بأهمية السعودة وإمكانية تحقيقها وتطبيق آليات واضحة وواقعية تؤدي إلى سعودة الوظائف بالمنشأة والاهتمام بالتدريب المناسب واعتباره استثمارا للمنشاة وللموظف وربط زيادة الرواتب والمكافآت السنوية والترقيات بالتميز في الأداء بناء على تقارير موضوعية وتطوير وتنفيذ برنامج تدرج وظيفي في المنشأة واعتبار التدريب الصيفي والتعاوني وسيلة جيدة لانتقاء وتوظيف المتميزين من الشباب السعودي ودراسة أسباب التسرب الوظيفي للسعوديين داخل المنشاة ومعالجتها. قناعة الإدارة العليا بالسعودة من الواضح أن الجهات المعنية بالدولة تبذل جهودا كبيرا في التعامل مع موضوع السعودة .. لكن السؤال: ألا يمكن للقطاع الخاص التوسع في توظيف السعوديين في ظل الأنظمة الحكومية والحوافز الحالية؟ .. فالعوامل التي يوردها بعض رجال الأعمال والإدارات العليا بالقطاع الخاص أمام السعودة تتعلق بعدة عوامل كمستوى التأهيل الأكاديمي وسلوكيات العمل (ومنها الالتزام بالدوام والاستعداد بتنفيذ الأعمال.. إتقان العمل.. التفاني والولاء... وغير ذلك) إضافة إلى الإشكالات التي يواجهها صاحب العمل عند رغبته في إنهاء خدمة الموظف غير الكفء. خطة استراتيجية للسعودة بالنسبة للوظائف المشغولة بأجانب يتم تقييم كل وظيفة ومن ثم إعداد خطة للإحلال مع الأخذ بعين الاعتبار القدرات اللازمة المطلوبة ومقارنتها بالمتوفرة بسوق العمل .. أما فيما يتعلق بالوظائف المتوقع استحداثها فيتم القيام بالإجراءات التالية: * تقدم كل منشأة متطلباتها من الوظائف حسب احتياجها في تلك السنة وتحدد جنسية الموظف المتوقع شغله للوظيفة سواء أكان سعوديا أو غير سعودي بناء على ما تتطلبه الوظيفة من مهارات وقدرات مع الأخذ بالحسبان المقدرات الأساسية المتوافرة في سوق العمل. * قيام الإدارة العليا بمراجعة الطلبان ودراستها لمنع النزعة لدى الإدارات والأقسام كشغل الوظائف المتاحة بغير السعوديين متذرعين بوجود الخبرة لدى الأجنبي. * التصديق على موافقة التوظيف من قبل الإدارات العليا كي تبدو نسبة السعوديين من غيرهم واضحة أمامهم بصفتهم أصحاب القرار. تطبيق آليات السعودة تعرّف السعودة في الغالب أنها إبدال الأجنبي بالسعودي ويعني هذا المفهوم أن يتم تعيين موظف سعودي إلى جانب المتعاقد الأجنبي بحيث يعملان سويا ويقوم المتعاقد بتدريب السعودي حتى يجيد السعودي عمله وعندها يتم أنها خدمات الأجنبي. وفيما يتعلق بالوظائف ذات التقنية العالية التي يصعب إحلالها بسعوديين في بداية الأمر نظرا لعدم توافرهم بالمستوى المطلوب فيتم إشعار شاغليها من الأجانب بأن يطمئنوا على وظائفهم وأنه لن يتم الاستغناء عنهم ماداموا متميزين في أعمالهم ويشاركون في معلوماتهم ولا يحجبونها عن السعوديين بحيث تكون الوظائف محدودة ويتم توظيف سعوديين تحت إدارة هؤلاء الأجانب ليكونوا موظفين منتجين. تطبيق أساليب الاستقطاب من أهم الأسباب التي تؤدي إلى فصل الموظف هو اكتشاف صاحب العمل بعد مرور بعض الوقت عدم مقدرته على تنفيذ ما أوكل إليه من أعمال وبالرغم من أن اللوم في الغالب يوجه إلى الموظف فإن صاحب العمل في الواقع يتحمل مسؤولية هذا الفشل بدرجة كبيرة لان تجارب المنشآت الرائدة دولياً أثبتت جدوى التركيز على اختيار الأفضل وان الجهود المبذولة في مرحلة التوظيف مهما زادت تكلفتها فإنها في الغالب تؤدي إلى كفاءة الموارد البشرية وزيادة إنتاجيتها وتدني نسبة التسرب. ومن العوامل التي تساعد على إنجاح عملية التوظيف والاستقرار في العمل إعداد وصف لمتطلبات كل وظيفة وأهمية أن يكون مدير التوظيف أو الموارد البشرية سعودياً وكذلك الاستعانة باختبارات توظيف موثوق بها والحرص على التوظيف بناء على القدرات وتعاقد المنشأة مع الموظف وفق عقد محدد المدة ووجود سلم محدد للرواتب بالمنشأة. تنفيذ برنامج تعريف في ظل الاعتراف بأن عددا كبيرا من الشباب السعودي يتخرجون من المعاهد والمدارس والجامعات في انتظار الوظائف مع عدم وجود مرحلة انتقالية تؤهلهم للدخول إلى سوق العمل فإن وجود برنامج تهيئة وتعريف للموظفين الجدد يعد ذا أهمية كبيرة حيث تشير التجارب إلى أن النسبة العليا من التسرب تحصل في الشهور الأولى من الالتحاق بالعمل حيث يبدو خلالها الموظف الجديد أكثر توترا من غيره خاصة أولئك الشباب الذين يلتحقون بالعمل لأول مرة في حياتهم. وإذا لم يتم التغلب على هذا التوتر من خلال برنامج تعريفي يهيئ الموظف للاندماج مع مجموعة العمل والبيئة الجديدة التي انتقل إليها فإن نسبة خروجه خلال فترة وجيزة من التحاقه بالعمل تزداد. ربط الحوافز بالتميز يتوجب على المنشآت الخاصة التي ترغب في زيادة نسبة السعودة في أجمالي وظائفها أن تقدم رواتب مجزية للموظفين السعوديين تفي باحتياجاتهم ومتطلباتهم الاجتماعية والاقتصادية حيث يلاحظ أن كثيرا من منشآت القطات الخاص تحدد الرواتب والزيادات والمكافآت السنوية بطريقة ثابتة ومتساوية بين الموظفين بغض النظر عن الأداء وعدم تحفيز الموظف ضعيف الأداء حيث يعلم أن زيادة السنوية ومكافأته شبه مضمونه وكذلك الحال بالنسبة للموظف المتميز حيث لا يجد فرقا كبيرا في المعاملة بينه وبين ضعيف الأداء واستمرار توظيف الموظفين غير المناسبين في العمل مما يزيد الاتكالية وتدني في الأداء ووجود بيئة عمل غير صحيحة. تطوير التدرج الوظيفي تكمن أهمية تطوير وتنفيذ برنامج التدرج الوظيفي في أنه يحدد متطلبات كل وظيفة وليس المقصود هنا الوصف الوظيفي فقط بل أن الأمر يتعدى ذلك إلى تحديد قدرات شاغل الوظيفة. ويتضمن برنامج التدرج الوظيفي أيضا تحديد المسار الوظيفي لكل وظيفة سواء أكان أفقيا أم رأسيا مما يساعد على تشجيع الموظف السعودي لبذل جهد أكبر رغبة في تنمية مقدراته ومسؤولياته ومن ثم زيادة دخله مما يؤدي على الاستقرار الوظيفي وتدني نسبة التسرب. ولعل من أهم النقاط التي يجب أن يتضمنها برنامج التدرج الوظيفي مسألة التخطيط لغرض الإحلال لجميع الوظائف وخاصة القيادية/ الإدارية والوظائف المهمة للمنشاة حيث يمكن من خلال خطط الإحلال التعرف على الموظفين ذوي المهارات والقدرات العالية الذين من الممكن أن يشغلوا المناصب والوظائف المحددة في الخطة سواء على المدى القريب أو البعيد . التدريب الصيفي والتعاوني إذا كانت المنشاة تنفق أموالا كبيرة على عمليات الاستقطاب والتوظيف وإجراء الاختبارات فمن باب أولى أن تستفيد من برامج التدريب التعاوني الصيفي سواء أكان ذلك عن طريق المبادرة من قبل المنشاة بإتاحة فرص للتدريب لغير العاملين (من الباحثين عن عمل أو طلاب) أم بالتنسيق مع بعض الجهات المعنية كالجامعات والكليات والمعاهد.. فالتركيز على المتميزين من المتدربين في هذه البرامج يعطي فرصة كبيرة للمنشاة للتعرف عليهم أكثر خاصة من حيث ميولهم وقدراتهم كما أن ذلك سيوفر على المنشاة تكاليف كبيرة كانت ستنفق في حالة بحثها عن موظف جديد فضلا عن أنه ستكون لدى المتدرب معرفة جيدة ببيئة المنشأة التي عمل فيها لمدة معينة. ولكي يكون التدريب التعاوني والصيفي أكثر فاعلية ووسيلة جيدة للاعتماد عليها كوسيلة جذب وفحص للمتميزين من المتدربين فإنه يفضل أن يكون هناك آلية ومنهجية يعتمد عليها ابتداء باختيار المتدربين ووضع خطة للتدريب وتهيئة المتدربين ومراجعة الخطة ومعرفة مدى تقدمه وانضباطه عند تنفيذ خطة التدريب ومن ثم تقييمه. ضرورة الاجتماعات الدورية من الضروري عقد اجتماعات أسبوعية لموظفي القسم الواحد لمناقشة إنجازاتهم وخططهم والتنسيق بينهم ومعرفة المشكلات التي تعترضهم حيث يساعد ذلك على دمج الموظفين السعوديين مع غيرهم وتعليق الشعور بالعمل كفريق واحد.. كما يمكن عقد اجتماعات لموظفي المنشآت كافة قد تكون سنوية أو نصف سنوية حيث تتضح أهمية الاجتماعات على مستوى المنشآت من خلال معرفة ما يدور في أذهان الموظفين وما يتعلق باحتياجاتهم وتطلعاتهم وإشعار الموظفين كافة بأهمية دورهم في نجاح المنشاة ودمج السعوديين وغير السعوديين في موقف واحد وكفريق عمل كبير مما يقلل الفجوة بينهم. أسباب التسرب الوظيفي إن تسرب الموظفين قليلي الكفاءة والمقدرة لا يعد مشكلة بالنسبة لأي منشاة بل أنه يعد أمرا مرغوبا إلا أن تسرب الموظفين ذوي الكفاءة والخبرة والتميز إذا زاد عن حد معين يعد مؤشرا على أن هناك خللا داخليا يجب الانتباه إليه ومن ثم محاولة إصلاحه للحد من تسرب الكفاءات الجيدة. فبعد أن تنفق المنشاة أموالا كبيرة متمثلة في تكاليف الاستقطاب والتوظيف وإجراء الاختبارات والتدريب والاستثمار في الموظف يخرج الموظف بعد كل هذا إلى مكان عمل آخر ومن ثم تزداد التكاليف على المنشاة في البحث عن بديل فضلا عن التأثير النفسي على الموظفين الآخرين في حالة زيادة نسبة التسرب. وتأتي مقابلة الموظف المستقيل قبل مغادرته كنقطة مهمة يجب أن تفعل وأن تمارس طريقة منظمة وذلك لمعرفة أسباب استقالة الموظف وانتقاله إلى مكان عمل آخر خارج المنشاة.. فمن الممكن أن تكون أسباب استقالته هي زيادة المرتبات المعروضة في سوق العمل أو عروض مغرية من منافسين آخرين وبهذا تأتي أهمية دراسة سياسة الرواتب وإعادة النظر فيها أو قد يكون السبب سوء ألإدارة لقسم أو وحدة معينة وبحالة التوصل إلى أن الأسباب الحقيقية لتسرب الموظفين يرجع إلى عدم قدرة شخص معين على إدارة الآخرين أو يسئ معاملتهم فإنه يجب النظر في هذا بشكل جدي سواء بالتغيير أو النقل أو إعادة تأهيله وتدريبه .. أو قد يكون ناتج من توقف الموظف في درجة وظيفية معينة وعدم وضوح مستقبله الوظيفي وبهذا تتضح أهمية برنامج التدرج الوظيفي وسياسات الترقية والمرتبات. أما الاستقالة لأسباب شخصية فإن ذلك خارج عن إطار عمل المنشأة إلا إذا كان لديها المقدرة على مد يد المساعدة إذا أرادت الاحتفاظ بموظف كفء يعد خروجه خسارة كبيرة.