"المعنى ليس محايثًا للشيء، ولكنه الفائض الذي تفرزه الممارسة ويجعل الشيء جزءًا من نسق ثقافي". سعيد بنكراد. صدر مؤخرًا كتاب أدبي رائع احترت كثيراً في تصنيفه، لكني أبقيته كتاباً كي يحفظ مكانته التي يستحقها، فيتجاوز كونه فناً فقط، إلى أن يصبح عنواناً جمالياً. "جسر عبور" هذا اسمه المعنون، ومضمونه أدبي فائق الجمال، غني باستعاراته التي زادته ألقًا، ولعل أجمل ما فيه أنه كُتب بطبيعة كاتبته نورة العضيد، فلم تتصنع اللغة، ولم تتكلف المعنى، بل جعلته يحكي عن نفسه وكأنه ساعة حب يصعب فراقها! في الكتاب حاولت نورة أن تبحر في الانفعالات النفسية علّها تصل من الأدب إلى عمق يجعلنا نكتشف أنفسنا، وليست محاولتها هذه إلا جسر عبور من المادة إلى النفس باللغة، وزاد فرط حذرها حتى جعلت مقطوعاتها نيتشوية الطريقة فقللت ألفاظها، وكثفت معانيها. سعيد بهذا الإنتاج الذي أرجو أن يكون بداية للأدب السعودي المتنوع في طرقه وأساليب عرضه، ولست أقول ما أقول إلا رغبة في توسيع دائرة التداول اللغوي عبر الأدب، فيصبح تواصلنا بين المرئي ممثلاً باللغة، واللامرئي ممثلاً بالنفس، جسر عبور لكشف حقيقتنا الاجتماعية. سأختم كتابتي بهذه المقطوعة: أحزن لأنني مازلت أسكن إليك.. وأنت لا تعلم.. أكرهني بشدة.. لأنني وبقلب ضخَّمه الغياب.. مازلت أحبك بشدة!