الهلال بطل الدوري، المشهد بات معتاداً، لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، فقد بلغ هذا الهلال سدة المجد الرياضي والكمال الكروي حتى أضحى كبير القارة وزعيمها الأوحد وسيد الأسياد، هو مجرة وليس مجرد هلال، هو سماء الكرة الآسيوية وأيقونتها، ومضرب مثلها الأعلى، وحامل لواء البلاد، هو بحرٌ يغشاه موجٌ من الأرقام الصعبة ومن فوقه سحاب الأمجاد، ضرب خيمته في فلاة كرة القدم عمادها «رجال على قلب رجال» ومن حولها خمسة وستون من الأطناب. مع الهلال دوام الحال (ليس) من المحال، منافسته ضرب من الجنون وشيء من الأوهام وبعض من الخيال، ديمومة منقطعة النظير استمرارية معجزة مواظبة على الأول ثبات بالزعامة، كل هذا إرث توارثوه كابراً عن كابر على مر الأجيال، بطولات من مختلف الألوان والأشكال، مسيرة معجزة مدهشة خارقة حد الإذهال، هم كبار فيما بينهم في عالمهم بينما في العالم الموازي تتغير المعادلات وتتبدل المفاهيم إلى الوصول لحقيقة مفادها أن لا كبير في حضرة الهلال. ملأ الأسماع ورسم الإبداع، مسيرته على كل لسان، اسمه سارت به الركبان، رقمه يشار له بالبنان، له في كل بقعة محبون، وفي كل دولة منتمون، شاع واستطار، سطع وذكره في جميع الآفاق طار. عالمي ألمعي لوذعي ذائع الصيت، بعد كل بطولة يقول الهلالي: لقد اكتفيت، فيجيبه الهلال: ليس بعد فلم يحن التوقيت، هي مسألة وقت وسيغرد حسابي باختلاف المواقيت، ببطولة تفرحك من جديد وستضغط منتشياً متباهياً على أيقونة اللايك والرتويت. معي لكل بطولة رونقها الخاص، ولها فرحتها الذاتية «وما زال للفرح بقية»، فلا يتسرب إليك الملل، ولن يقل لديك الشغف، ولن تعرف الانتكاص، أُفاجئك بمنجز داخل المنجز، فلا يشبه أخاه ولا يماثله، ولا وجود هناك للتناص، ثلاثية مستحيلة، مؤسس هاتريك دوري، دوري بلا خسارة «يا للجسارة»، سوبر محلي آخر آسيوي خليجية.. نخبة عربية وبطولة الباص، في لندن في اليابان في كوريا في اللاذقية في الرياض في جدة.. في مكة في الدمام وفي أبها، بطولات إثر بطولات في مختلف البلدان والقارات، فيا له من اختصاص باستجلاب المنجزات، ويا لهذا الاقتناص، هو من يرسم الطريق والآخرون يسيرون عليه حتى حُق لمناصريه التباهي به والتبجح بالانتماء له، ولا بأس من التيه والخيلاء والغرور والكبرياء فخراً واعتزازاً وليس في ذلك انتقاص. إن كان في حالته الطبيعية «وهذا ديدنه» فالبطولة له محجوزة، ورايته في الميدان مغروزة، وإن حدث وكان خلاف ذلك فهو يصل للنهائي وينافس على الثاني، عندها تقوم الدنيا لدى أنصاره ولا تقعد، فهو هنا في حالة مهزوزة، فالثاني لديهم انكسار، والوصافة عندهم انهيار، لن يقبل عذر ولن يستكان لتبرير، فقد اعتادوا أن يروا هلالهم شامخاً عالياً أولاً، وبيارقه في السماء مركوزة. استبعدوه من الترشيحات ولم يعلموا أنه كان مشغولاً بآسيا فقط، وما إن فرغ منها بعد أن جاء برأسها وتفرغ للدوري إلا وبدأ بالتقزيم، رددوا «هاتوا الهلالي» قبيل مبارياته حتى أصبحت لزمة تلازم من يريد مقابلته، وكان رده عليهم بالفوز وبالتحجيم، جاء من أقصى الخريطة يريد الطريدة، يمشي الهوينا يضرب بالخمسة وبالأربعة، وعندما من الصدارة دنا ارتعدت فرائص النمر خوفاً ثم أجهز عليه في عرينه وبين جماهيره واتخم شباكه بثلاثية وحدث التقليم، في أقوى ريمونتادا في تاريخ الدوري، جزأ المجزأ، وقسم المقسم، وشتت المشتت، وعزف أجمل سيمفونية، ورسم أجمل صورة، وصدح بأحلى ترنيم. الهلال هو مصدر الفرح ومبعث البهجة وإكسير السعادة، من يفد إليه سينعم بنعيم البطولات وسيرفل بترف الأمجاد وسيتلقى الإشادة، يُرهب نفوس المنافسين بسياط سطوته وهيبته، ويُلهب قلوب عشاقه بشِواظ فنه وإبداعه، حتى اعتاد الغوص في أعماق المجد والسبر في أغوار البطولات، فما يلبثوا أن يطالبوه بالاستزادة، حتى يستجيب لهم ويلبي مطالبهم ولا يخيب لهم رجاء، بهمته وعزيمته وبقوة الإرادة، هو نسيج واحد، كتلة واحدة، من سبق يدعم من لحق، ومن تولى يسند من تقلد، حتى اعتلى مقام السيادة وبات صاحب الريادة، يقدم دروساً مجانية في كيفية تحويل الكيان إلى قرية أولمبية رافدة للمنتخبات في جميع الفئات ولكن لا أحد يستطيع أن يصل لما وصل إليه ولا يحذو حذوه، فهو سهل ممتنع، سهل التقليد، عصي المحاكاة، مستحيل التطبيق، غير قابل للإعادة. خاتمة: يتردد كثيراً أن الهلال فريق مكروه وهذا طبيعي وأمر مفهوم، والسبب في ذلك كونه فريق اعتاد الانتصارات وكسب البطولات، والمنطق يقول إن من يتلقى الهزائم منه تتراً ويتجرع بسببه الخسائر مراراً حتماً سيكرهه وسيبغضه مصداقاً للمثل الألماني: أن تكون مكروهاً ناجحاً أفضل من أن تكون مثيراً للشفقة..!