ذكرت في مقالٍ عقب نهائي دوري أبطال آسيا عن الهلال «أنه أطلق لخيله العِنان وفك عنه اللجام ولا أخاله إلا أنه سيساوي بين رقم عمره ورقم بطولاته هذا الموسم وهذا العام» وقد حدث بعد تتويجه ببطولة السوبر السعودي ليصبح رصيده البطولاتي 64 بطولة خلال 64 عاماً في منجز قل نظيره وندر مثيله. الهلال يتوج باللقب.. كليشيه مبتذلة وعبارة رتيبة لا تحمل جديداً ولا ضجيجاً ولا صخب، باردة خامدة خالية من الشُوَاظُ ومن اللهب، حتى أن هذا العنوان لم يعد مثيراً وجاذباً للانتباه فحضرة هذا الهلال خدينٌ -مذ نشأ- للمعالي وللذهب، اعتاد بلغوها يعرف طرقها ممراتها مساراتها وخباياها عن قرب ومن كثب. في سجل موسمه الجاري «حتى الآن» خسارتين ولقبين وهذا منجز ثمين، لكنه موسم سيء بنظر مدرجه الفخم وجمهوره الركين، نعم سيء.. دعك من البطولتين لماذا تينِك الخسارتين؟؟ هكذا يردد عشاقه ومحبوه فقد اعتادوا منه أن يكون شحيحاً بالبطولات وبها ضنين، منتصراً بالنزالات والمباريات ثابتاً راسخاً رصين. يبدو بحره للوهلة الأولى هادئاً ساكناً لطيفاً فيُطمع به ثم ما يلبث أن يكشر عن أمواجه ثم يزأر بصوته المجلجل، يتلذذ باعطاء منافسية جرعة حياة ثم يسقيهم مرارة كأس الحنظل، ويطير هو بالألقاب وهذا ديدنه طيلة هذه الأحقاب تحت أنظار فوج قوته الزرقاء الجحفل، والذي يرافقه ويلازمه أينما حلّ وارتحل، بعد كل انتصار هناك من يصدرون بياناتهم وخطاباتهم بينما هو مشغول بكتابة التاريخ الذي به توغل وصناعة المجد الذي به تغلغل حامداً لله الذي بنعمائه يتنعم ويرفل. في هذا الموسم حقق الهلاليون دوري أبطال آسيا وبالسوبر ثنوا، لكنهم لم يكتفوا بذلك فعندما أوجسوا على هلالهم خيفة ذهبوا في التعاقدات كل مذهب فاستقطبوا عبدالحميد والعويس والعبيد والمالكي وجددوا لكنو، فطموح فريقهم ليس بطوله ولا اثنتان ليس تعاقد أو تعاقدان ليس تخريب ولا إفساد بل صعود المنصات التي ما فتئ لها يصبو ويرنو، فيا لجبروت هذا الهلال ما هذا البطش وما هذا الفتك وما هذا العتو؟! الهلال ثابت والمتحرك هو رقم الكأس، في كل مناسبة يخطف بها اللقب يحتفل بكل برزانة ثم يغادر بهدوء وهم ينظرون إليه بحسرة بمشهد يحبس الأنفاس، يحيكون له المؤامرات ويضربون له أخماساً لأسداس، لكنه في كل مرة يقلب عليهم الطاولة وأخرها في تلك الليلة عندما خطف كنو وحصد الكأس، هكذا بكل بساطة وبلا تكلف يأخذ ما يريد بكل ثقة وبلا تصلّف ولا يأبه بما قيل ويقال لا عجب فالخاسر للظافر قال رافعاً شعار «الي في القدر يطلعه الملاس». يجمع خلافاته واختلافاته في بوتقة فيرميها حتى تذوب وتضمحل وتنصهر، يحافظ على نجومه ومكتساباته يصبر على الهفوات والزلات وعليها يصطبر، لذلك هو متفرد متزعم بالمنجز وبالجودة وبالرقم.. حسناً إلى هنا وكفى فقد بلغ ذروة المجد وسنام الفخر..... لا ليس بعد!! ها هو يبث الرعب والروع والخوف والجزع والذعر، هذه المرة من نوع آخر يبدو أنه ما اكتفى وما قنع ما ارتوى وما شبع بل وبكل جرأة وإقدام انطلق فباع الفحم في معقل نيوكاسل ثم عاد وهَجَر، بعدها ذهب واستبضع التمر باعه هو الأخر في قلب هجر، حقاً إن ما يفعله الهلال معجز بذاته.