في عبارة تنسب للكاتبة والروائية والشاعرة أحلام مستغانمي، تربط فيها بين السعادة والمال، الذي لا يقتصر - كما نعلم - على النقود فقط، وإنما يشمل كذلك الأعيان، من أصول ثابتة وعقارات تقول فيها: (إن المال لا يجلب السعادة ولكن يسمح لنا أن نعيش تعاستنا برفاهية).. تلك المقولة طافت في الذهن وأنا أطلع على نتائج الدراسة التي قامت بها "د. إيما بيكر من مركز الإسكان في كلية التخطيط الحضري والإقليمي (CHURP) بجامعة أديليد الأسترالية، ونشرت في مجلة الدراسات العمرانية. فقد توصلت تلك الدراسة، التي امتدت إلى ست سنوات، وشملت عينتها البحثية أكثر من عشرة آلاف من المواطنين الأستراليين إلى أن ما يسود من اعتقاد بأن تملك المسكن هو من سبل جلب السعادة ليس في الواقع على إطلاقه. فالدراسة مع تأكيدها على أن من يمتلكون المساكن هم الأكثر ثراء، والأفضل في مستوى التعليم، مقارنة بمن هم مستأجرون لها، إلا أنهم في ذات الوقت الأكثر عرضة للضغط النفسي والإجهاد العصبي، سواء كانت أسباب ذلك مالية جراء تكاليف قروض الرهن العقاري التي يحصلون عليها من جهات التمويل لامتلاك تلك المساكن، أو تلك المتعلقة بالظروف والأوضاع غير المستقرة لأسواق الأصول العقارية. لهذا تلفت الدراسة إلى أن السعادة المرتبطة بتملك المسكن لا تتحقق إلا للقادر فقط على تحمل أعباء تمويل شرائه، كما تشير في هذا السياق أيضاً إلى أن استئجار المسكن في حد ذاته لا يجعل الناس غير سعداء، ولكن نسبة كبيرة من الناس غير السعداء جراء ظروفهم المالية الصعبة يؤول بهم الحال إلى أن يكونوا مستأجرين. ربما تتقاطع الظروف لدينا في المملكة فيما يتعلق بهذا الجانب إلى حد كبير مع الأستراليين، فالأسر لديهم تتطلع للحصول على مسكن لغرض امتلاكه، والحكومة الأسترالية تعمل على تقديم الدعم والمساعدة لتحقيق حلم الأستراليين في تملك مساكنهم، حيث بلغت نسبة التملك لديهم حالياً (70 %). إلا إن ما تكشف عنه تلك الدراسة وتود إيضاحه هو أن تملك المسكن ليس بالضرورة البديل الأفضل لجميع الراغبين في ذلك. فمن هم عرضة للضغوط المالية بسبب تكاليف الرهن العقاري وبالذات من الأسر ذات الدخل المنخفض قد يكونون في حال أفضل صحة وسعادة وراحة بال في حال كان خيارهم الاستئجار لا التحامل على أنفسهم من أجل تملك سكنهم، فهل من تقصٍ لدينا عن هذا الجانب تتبناه أحد المراكز البحثية المتخصصة في جامعاتنا..؟