جرت العادة على أن اقتناء المسكن، أو الحصول عليه، يتم عبر أحد بديلين اثنين، إما التملك أو الاستئجار، إلا أن هذين البديلان، على النحو المطلق الذي يتصف به كل منها قد لا يحققان أحياناً الغاية في تلبية الرغبة أو القدرة لنسبة جوهرية من الأسر التي تنشد أو تتطلع لاقتناء هذا المسكن. فقد يود رب هذه الأسرة امتلاك مسكنه، عوضاً أن يهدر جزءا من دخله وبعض مدخراته في استئجاره، إلا أنه في المقابل قد لا تتوفر لديه الملاءة المالية التي تمكنه من تحمل تكاليف شرائه، فهل من سبيل لتجاوز هذا المعوق الأساسي في تيسير الحصول على المسكن لبعض الأسر ذات الدخل دون المتوسط..؟ وبالذات في المدن الكبيرة، التي غالباً ما تتسم أسعار المساكن فيها بالغلاء، نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي، وتكاليف البناء، وزيادة حجم الطلب على العرض للمساكن. الإجابة على ذلك، يمكن أن نجده في البديل القائم على فكرة المساكن التي يمكن اقتنائها على جزأين، أحدهما بالشراء والآخر بالاستئجار (part-buy part-rent houses) أو ما تعرف أحياناً بالملكية المشتركة، التي أتصور أنه لم يسبق أن جرى تطبيقها من قبل في سوق الإسكان بالمملكة، فهذا النوع من مشاريع الإسكان يوجه تحديداً لشريحة ذوي الدخل دون المتوسط من الأسر التي ترغب أن تضع أقدامها على أول عتبات امتلاك مسكنها الأول، إلا أن ظروفها المالية، ومستوى دخلها، لا يؤهلانها لتحمل تكاليف هذا الاستثمار في امتلاك مسكن، حيث إن ذلك يتطلب الحصول على قرض من مؤسسات التمويل التي لا تستطيع تلك الأسر وفق الظروف التي تعيشها من تحمل سداد كامل أقساطه الشهرية. الأمر الذي يعزز من كفاءة هذا البديل بإمكانية منحها الفرصة لامتلاك جزء من هذا المسكن، يتراوح في الغالب ما بين (25 % - 75 %) من قيمته في مقابل دفع إيجار الجزء الباقي غير القادرة على امتلاكه حينها، مع النية والعزم على استكمال امتلاك هذا الجزء المتبقي (المستأجر) من المسكن على مدى محدد من السنوات التي تلي ذلك. هذا البديل في الامتلاك الجزئي للمساكن، لا يسهم فقط في اتساع دائرة الخيارات المتاحة أمام شريحة واسعة من الأسر الشابة للحصول على المساكن، بل يمكن لتبني هذا البديل وطرحه ضمن مشروعات الإسكان، أن يرفع من نسبة التملك للمساكن في المملكة ضمن وقت يسير، ربما تخطى سقف (70 %) الذي حدد في رؤية المملكة 2030.