لم أتعجب كثيرا، ولكني سررت أكثر بما شاهدته في إحدى حفلات الأعراس "الزواجات" في طيبة الطيبة لابن صديق لي، من خلال إحياء أحد الفنون الفلكلورية الشعبية الغنائية وحفاظهم على إقامتها وتمسكهم بها، وأدهشني التفاعل الكبير من الحضور باختلاف أعمارهم واستمتاع صغيرهم في السن مثل الكبار ممن عاش على هذا اللون أو ذاك من الموروثات الفنية الشعبية ردحا من الزمان، علاوة على إتقان المؤديين لهذه الفنون بكل دقة وروعة.. وهنا تيقنت عندها بأن حفلات الأعراس مكان خصب تستحضر فيه شتى أنواع أشكال الموروثات الشعبية الفنية الغنائية وتؤدى بكل بساطة، لذلك الجميع يستمتع فيه. وعودا على ما تم في حفل الزفاف.. فإن المنطقة الغربية كما غيرها من مناطقنا العزيزة بها العديد من هذه الموروثات الفنية الجميلة، ولكن بالنظر إلى أحد هذه الفنون بشكل خاص، هناك فن "المجس" وهو فن الموال، اشتهر في المنطقة الغربية، يقوم بأدائه "الجسيس" وهو فنان صاحب صوت ندي. وعرف بأن يتواجد هذا الجسيس عند إتمام عقد القرآن وإقامة الفرح عند بعض الأسر التي تهتم بهذا.. من خلال أهل العروسين ليتغنيا بطريقة ما يسمى "بالخطيب والمجيب"، حيث يأتي والد العريس بالخطيب الذي ينشد هذه الأبيات عنده بقوله: إن قصدنا إلى داركم بمن حضرا يروم غمرا به رب السماء ونمتني بالثناء عنكم وننشدكم شعرا يروم به قد أطلع الثمراء. وبعد هذه الأبيات للمنشد "الخطيب" يقوم مع والد العريس وأهله بالذهاب إلى بيت والد العروس ويكرر ما قاله من تلك الأبيات أمامهم، ثم يأتي دور "المجيب" الذي أتى به والد العروس ويرد عليه بالأبيات التالية: لكم ألف أهلا يا كرام ومرحبا فمثلكم منهم دنوئنا نعيم أجبناكم فيما أتيتم لأجله عطاء محب بالحبيب يريد وانا سعدنا بالرحيل وقربهم. ثم يأتي "المُملك" ليتم عقد القرآن وسط تهاني وتبريكات بين أهل العروسين ويتم خلالها توزيع "علب الحلوى" على جميع الحضور وهي إحدى العادات المصاحبة في مثل هذه المناسبات في المنطقة الغربية وعلى الفور يقوم الجسيس "الخطيب" منشداً: قرانك بالعز الجميل جميل وعرسك بالأصل أصيل وحفلك قد تم الأفاضل نخبة لهم منبر صدق في الكرام طويل وقد أوفيت نصف الدين بالوفد والرؤى وهذا نهر سلسل وخميل. ما أروع موروثاتنا الشعبية الغنية بألوانها الجميلة الرائعة، وما أبسط أدائها حينما تتم بسهولة ومشاركة جماعية.