تشهد العلاقات الجزائرية - الإسبانية في الآونة الأخيرة، وتحديدا منذ منتصف شهر مارس الماضي، توترا متصاعدا بدءا من الموقف الإسباني المستجد حول أزمة الصحراء عبر دعم رئيس الوزراء، بيدرو سانشيز، لخطة الحكم الذاتي بدلا من الموقف المحايد الذي كانت تتخذه إسبانيا من قبل، وصولاً إلى الموقف الجزائري الغاضب في أعقاب تعليق وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، رداً على تصريحات أدلى بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حول الأزمة مع مدريد، ويبدوا أن التوتر لن يغيب عن العلاقات بين البلدين على الأقل في المستقبل القريب. وقررت وزارة الخارجية الجزائرية، بعد الموقف المستجد لإسبانيا، استدعاء السفير الجزائري من مدريد فوراً للتشاور، احتجاجا على ما اعتبرته «الانقلاب المفاجئ» في موقف الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء، قبل أن يُعْلِن المبعوث الخاص المكلف بملف الصحراء ودول المغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، عمَّار بلاني، أن عودة السفير الجزائري إلى مدريد مرهونة بتقديم الحكومة الإسبانية لتوضيحات مسبقة وصريحة فيما يخص التطور المفاجئ في موقفها من قضية النزاع في الصحراء والأسباب التي أدت إلى ذلك. وتطورت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا أكثر، حيث قررت الجزائر وقف التعاون مع مدريد بشأن ترحيل المهاجرين غير النظاميين، بالإضافة إلى رفع أسعار الغاز المصدر إلى مدريد، إذ أعلن المدير العام لشركة المحروقات الجزائرية «سوناطراك»، توفيق حكار، مع مطلع الشهر الحالي، بأن الجزائر قررت منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، وانفجار أسعار الغاز والبترول، الإبقاء على الأسعار التعاقدية الملائمة نسبيا مع جميع زبائنها، غير أنه لا يستبعد إجراء عملية مراجعة حساب لأسعار الغاز مع إسبانيا. وحول الأزمة مع مدريد وإعلان هذه الأخيرة تغيير موقفها بشأن مسألة النزاع في الصحراء طالب الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، خلال مقابلة له مع وسائل إعلام محلية بثها التلفزيون الرسمي، مدريد بمراجعة موقفها واحترام تطبيق القانون الدولي، قبل عودة العلاقات الى طبيعتها مع إسبانيا». ليرد بعدها وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، على تصريحات الرئيس الجزائري بالقول إنه لن يرد لأنه لا يريد تأجيج خلافات عميقة وأن إسبانيا اتخذت قرارًا سياديًا في إطار القانون الدولي، وليس هناك شيء آخر يمكن إضافته. تصريحات وزير الخارجية الإسباني زادت من حدة الغضب الجزائري على مدريد، حيث أعرب المبعوث الخاص المكلف بملف الصحراء والمغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، عمّار بلاني، عن استياء الجزائر الحاد من كلام ألباريس، واصفاً تصريحات الوزير الإسباني بأنها «مؤسفة وغير مقبولة». وأكد بلاني رفض الجزائر للتوضيحات التي حاولت مدريد تقديمها، قائلاً إنّ «وزارة الخارجية الإسبانية حاولت تصحيح الوضع مع الصحافة الإسبانية، لكننا نحوز على تسجيل صوتي يؤكد أن الوزير قد أدلى بالفعل بتصريحات مسيئة وتتناقض مع السلوك واللياقة البروتوكولية». وأشار المسؤول ذاته إلى أن «مثل هذه التصريحات لن تساهم بالتأكيد في عودة سريعة للعلاقات الثنائية إلى طبيعتها، وسيتعين على الوزير الإسباني تحمل العواقب». هذا ويرى مراقبون أن الجزائر تَعْتَبِرُ مدريد هي المُطَالبة بتسوية الأزمة بطريقة ما، خصوصاً أن إسبانيا لا تملك الكثير من أوراق الضغط على الجزائر، فيما قد تلجأ الأخيرة إلى التصلب في بعض القضايا، مشيرين أنه إذا كانت الجزائر قد أعلنت أنه من المبكر عودة السفير الجزائري إلى مدريد، فإن الخطوات الجزائرية المقبلة إزاء إسبانيا ستوضح حجم الأزمة وانهيار الثقة السياسية بين البلدين.