أثناء متابعتي لآخر المقالات المهتمَّة بشؤون المجتمع الوظيفي، لفت انتباهي قراءة أكثر من موضوع عن "القيادة" وأهمِّيتها وأثرها على المنظَّمات، والذي أثار تساؤلًا: هل بالغنا في الاهتمام بالقيادة على حساب الإدارة؟! وبمراجعة عدد من كتب المختصِّين، كانت إحدى الإجابات في كتاب "العادة الثامنة" لستيفن كوفي والذي أرجع سبب الاهتمام الزائد بالقيادة إلى أن عدد المديرين في المنظمات يفوق عدد القادة. قال ستيفن كوفي إنه مرَّ بتجربة سيئة، استنتج منها أن كلًّا من القيادة والإدارة مهمَّتان، ولا يمكن الاستغناء عن إحداهما، ولا تمييز إحداهما على الأخرى. فيقول: إننا لا نقدر على قيادة الأشياء، فلا يمكن أن "نَقُود" قوائم الجرد والنفقات والإجراءات والأصول، لذلك يجب علينا أن "ندير" هذه الأشياء لأنها لا تملك القدرة على الاختيار، إذن "نحن نقود الأشخاص وندير الأشياء". وذلك يقودنا إلى ضرورة الاهتمام بالمديرين الجُدد وإدراك أنهم يواجهون تحديًا ليس سهلًا، فهناك مديرون حضورهم فقط كافٍ لنشر الطاقة الإيجابية في المكان، فيشعر الجميع بالحماس والشغف والرغبة في إثبات أنفسهم، وذلك لم يحدث بين ليلة وضحاها، فهذا نتيجة لتطوير الشخص لنفسه وتعلُّمه من أخطائه حتى وصل لهذه المكانة. سأقدم في السطور التالية أهمَّ الأخطاء التي قد يقع فيها المديرون في الأيام الأولى، بالإضافة إلى مجموعة نصائح ستساعدهم على مواجهة التحديات. أخطاء حاوِلْ تجنُّبَها: في الغالب لا تحدث الأخطاء الإدارية عن قصدٍ، وبما أن وضعك الجديد يتطلب المزيد من المسؤولية؛ لذلك عليك أن تكون على دراية بأكثر الأخطاء الإدارية شيوعًا لتتجنَّبَها قدر الإمكان. 1- "أنا قادر على فعل كل شيء بنفسي".. يعتقد بعض المديرين أن بإمكانهم فعل كل شيء بأنفسهم.. بالتأكيد سيفشل هذا التوجه في نهاية المطاف، يجب عليك تفويض المحيطين بك مع إرشادهم وتوجيههم بصورة منتظمة. 2- "صعوبة اتخاذ القرار".. عندما يأتي وقت اتخاذ القرار، يخشى المديرون الجُدد من اتخاذ القرار خوفًا من الخطأ، ويُعدُّ ذلك خطأ إداريّا فادحًا، فإنك إذا لم تعالج وضعًا ما فسيعالج نفسه، وستكون النتيجة عكس المطلوب، لذلك اعلم أن القرارات دائمًا أفضل من عدم وجود قرار على الإطلاق. 3- "أن تكون ودودًا مع الموظفين بشكل مبالغ فيه لتكسب ودَّهم" احرص على التوازن المثالي، اهتمَّ بتفاصيلهم، وأظهِر لهم التقدير والاحترام، لكن في الوقت نفسه حافظ على الحدود اللازمة بينكم. 4- "التهرُّب من تحمُّل المسؤولية في حالة الخطأ".. فالقادة الناجحون يعترفون بأخطائهم ويتعلَّمون منها ويصححونها، فهم يُدركون أنه من خلال التعلُّم من الأخطاء تتشكَّل خبرتهم وينمو وعيُهم. 5- لا تبدأ في إحداث تغييرات سريعة واتخاذ قرارات عاجلة فور توليك المنصب، انتظر حتى تُكوِّن رؤية كاملة عن أوضاع المنظمة، حتى لا يُقابَل ذلك بمقاومة من مرؤوسيك، والذي يترتب عليه وجود فجوة بينكم. نصائح ستجني ثمارها 1- التواصل الفعَّال مع الموظفين.. يوجد عدد من الطرق لتعزيز التواصُل بينك وبين فريقك، يمكنك اختيار الأنسب لك منها: (لقاء أسبوعي - حدِّد الوسيلة الإلكترونية المناسبة للتواصل بينكم - لا تجعل الموظفين يشعرون بالانفصال عن القرارات التي تتخذها الإدارة - قدِّم ملاحظاتك على أداء موظفيك أولًا بأول، سينعكس ذلك على ثقتهم بأنفسهم). 2- وضعُ الشخص المناسب في المكان المناسب.. خذ الوقت الكافي للتعرُّف على الموظفين، ومن ثَم تحديد نقاط قوتهم، وهذا الذي يُمكِّنك من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومن ثَم أعطِه المهمة والدعم المناسبين. 3- قدِّر الموظف الكفء الذي يعمل تحت إدارتك، ولا تخَفْ على كُرسيِّك منه، واعلم أنك رُزقتَ خيرَ ما يُرزق به مديرٌ في بيئة العمل. 4- ركِّز على التكيُّف مع إستراتيجيات عمل موظفيك، بدلًا من تطبيق إستراتيجياتك الخاصة، فهذا يضمن أن يحافظ موظفوك على إحساسهم بالحياة الطبيعية، حتى في ظل القيادة الجديدة. 5- إدارة الوقت.. لكي تنجح في عملك عليك تنظيمُ وقتك، اكتب الأعمال المفترَض إنجازها كلَّ يوم، وضعها أمامك، وأشِرْ على ما تم إنجازه. وما بقِي أَحِله لليوم التالي مع ترتيب الأعمال وفق أولويتها وأهميتها. ونخلص إلى أنه لا توجد وصفة مُتفَق عليها لكي ينجح المدير، بل إن المواقف التي تمارسها بالفعل في عمله اليومي هي التي ستُشكِّل خبرتَه، فيجب ألا يحزن من أخطائه، ويتعلَّم منها، ويحتفل بإنجازاته، ويتذكر أنها ليست له وحده، بل فريقُه شريك فيها.