كنوز اليمامة سلسلة تصدر عن مؤسسة اليمامة الصحفية، وقد صدر كنزها الثامن تحت وسم مأثورات شعبية وتتضمن ما نشر في الرياض الأسبوعي قبل ما يقرب من حوالي 40 سنة في صفحة مأثورات شعبية ومن ضمن ما نشر فيها وتحديداً بتاريخ الجمعة 21 ربيع الثاني 1403ه 1 فبراير 1983م تحت عنوان قصة وأبيات حيث جاءت المقالة: إبراهيم العبدالله اليوسف مرجع لا يستهان به في مجال الشعر النبطي حيث إنه بحكم عمله كمقدم برنامج (من البادية) في إذاعة الرياض وبرنامج (قصة وأبيات) من البرنامج الثاني تربطه صلة وثيقة مع الكثير من الشعراء والرواة البارزين في البادية والحضارة وهو الآن بصدد إعداد كتاب قيم يحتوي على عدد ضخم من القصص والقصائد النبطية. ولقد تعهد الزميل إبراهيم أن يتحف صفحة (ماثورات شعبية) بالجيد الممتع من القصص والقصائد التي لم يسبق نشرها من قبل، والصفحة ترحب بالأخ العزيز إبراهيم اليوسف والقصة التالية هي أولى مساهماته. هذه قصة تبين أولاً وفاء الرجال وكرمهم وطيب مجازاتهم بالجميل مع علوم الناس وبالأخص من تربطهم معهم صلة رحم وقرابة، وثانياً الشيمة، إذ شامت نفس الواحد منهم فهو يعاف أغلى ما عنده وثالثاً القصة تبين لنا أن كل إنسان.. يميل إلى مرباه القديم ومرتع صباه ولو كان في محل أحسن منه. ولقصة جرت على بنت صنيتان بن راجح من البدارين من قبيلة حرب قيل إن هذه الفتاة عليها جمال فاضح مع عفة وأخلاق. وتقدم لخطبتها واحد يدعى ابن نيف من حاضرة بني علي من أهل العوالي بالمدينة المنورة وهو شخص اشتهر بالكرم والمروءة. وقبل والد الفتاة وزوجّها لابن نيف وبدأ ابن نيف يرسل لوالد الفتاة بعارين محملة بالأرزاق وقت الموسم والصيف ما بين طعام وقهوة وكسوة وجميع ما يحتاج إليه بحكم الرحم الذي بينهم. البنت عندما رحلت إلى بيت زوجها بالحاضرة تذكرت البر والحرية والهواء الطلق والمراعي الخضراء كما تذكرت أهلها وأحوال البدو في حلهم وترحالهم وكانت جالسة لوحدها عى راس قمة عالية ولم تكن تعلم أن زوجها كان بمحض الصدفة جالساً بالقرب منها يستمع لكل ما تفوهت به. وهي في الأبيات تمدح زوجها لكنها تتمنى الرجوع إلى أهلها فلما انتهت من القصيدة ظهر عليه زوجها وقال (ابشرى باهلك). حاولت الفتاة أن تعتذر وتقنع زوجها بأن لم يكن قصدها سوي أن تسلى نفسها بالأبيات التي قالتها وأن ليس لها رغبة في غيره من الرجال ولكن الزوج أجاب: الآن انتهى الأمر وشامت نفسي عنك وانتِ بالقصيدة تمنيتي قعود أشقح وأنا إن شاء الله من الحين اوح للجلب واشريه لك وترحلين عليه لأهلك. وفعلاً راح واشترى لها قعودين واحد طلبت تركبه والثاني قال لها تبضع من السوق وحمليه جميع ما يطيب لك وتحتاجين له، ويقال إنه بعد ما ذهبت الزوجة لأهلها استمر ابن نيف في إرسال العوائد التي كان قد خصصها لوالدها ابن راجح من المؤن والأرزاق، وهذه هي القصيدة: يا مل قلب في كن داخله نار نار الشويط بمصلفات الهباب (1) عسي وطنهم ما تسقيه الأمطار حطون فيها واصبح الراس شايب صكوا عليه بين ضلعان وجدار مثل الربيط اللي بعيد القراب يا من يدني لي من الزمل مذعار اشفح من القعدان مشيه نهايب ابتنحر دار شبابة النار عمي وابويه ناطحين النوايب لو كان شوقي للمواجيب صبار ماهو مثبور يبيع الصلايب (2) يفرح الي جو ربعته له بمسيار وان غاب وصاهم الى كان غايب يارب عضني في عشيري وابختار قرم بفك الجيش وقت الحرايب الهوامش : (1) نار الشويط، هي النار حينما تستعر ويتأجج لهبها وبالأخص إذا كان الحطب هشاً ويابساً مثل العرفج أو السعف (2) الصلايب، المفرد صليبة وهي جديلة طويلة من الأعلاف والحشائش تباع في الحجاز ويشتريها الحجاج خاصة لدوابهم .