حققت البنوك السعودية خلال العام المنصرم 2021 نتائج جيدة بالرغم من انخفاض أسعار الفائدة حيث نمت الأرباح السنوية بحوالي 50 % مقارنة مع العام 2020 الذي تأثر بجائحة كورونا واضطرت البنوك إلى تجنيب مخصصات عالية تحسبا لأي تعثر قد يحدث في محافظ التمويل مع تراجع الأنشطة الاقتصادية خلال فترة الجائحة، البنك المركزي السعودي ساهم في تخفيف أثر القروض المتعثرة بمبادرة تأجيل الدفعات عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتم تمديد البرنامج حتى نهاية العام الحالي، كما أن انخفاض قيمة الشهرة كبد بنك "ساب" خسائر في العام 2020 بحدود 4.17 مليارات ريال، والمخصصات التي جنبها بنك الجزيرة في الربع الأخير من العام 2020 خفضت أرباحه بأكثر من 95 %، البنوك تجاوزت الأزمة بأقل الأضرار وأثبتت أنها قادرة على تحمل الصدمات الاقتصادية، وهذا عزز الثقة في البنوك السعودية وارتفعت معها الودائع البنكية إلى رقم قياسي تجاوز 2,1 تريليون ريال مع نهاية العام 2021 وهذه السيولة العالية في البنوك السعودية عززت فرص التوسع في الإقراض بنسب جيدة وحفزت القطاع الخاص على النمو والتوسع وكذلك ساهمت في زيادة القروض السكنية الممنوحة للأفراد ومساعدتهم على تملك المسكن، مصرف الراجحي حقق أرقاما استثنائية وتاريخية، ودائع العملاء نمت بحدود 34 % كأعلى البنوك نموا، واستطاع تنمية محفظة الإقراض بحدود 43 % أما دخل العمولات الخاصة فقد نما في حدود 21 % وهذه أيضا أعلى نسبة بين البنوك على الرغم من خفض أسعار التمويل وخصوصا تمويل الأفراد والنمو الكبير الذي حققه المصرف في محفظة القروض كان من أهم أسبابه هي الأسعار المنافسة التي جذبت إليه عملاء تمويل جدد وأيضا تحول عدد من عملاء البنوك الأخرى نتيجة إغراءات التسعير، صافي الأرباح اقترب من 15 مليار ريال وهذا رقم تاريخي على مستوى البنوك السعودية، النتائج الرائعة توجها المصرف بزيادة رأس المال إلى 40 مليار ريال وهذا بالتأكيد سوف يعزز من جدارته الائتمانية وملاءته المالية مما يقوي فرصة لمواصلة العطاء الجيد، أما البنك الأهلي السعودي وهو أكبر بنك سعودي وثالث بنك خليجي بعد الاندماج مع بنك سامبا، يبدو أن الاندماج أثر على نتائج البنك خلال 2021 ولكي تتضح النتائج بصورة دقيقة قمنا بدمج أرقام بنك سامبا مع أرقام البنك الأهلي في ديسمبر 2020 لكي تكون المقارنة عادلة حيث إن الأرقام المقارنة التي أعلنها البنك الأهلي في بياناته المالية للعام 2021 لم تحتسب أرقام بنك سامبا عن العام 2020، ولذلك أظهرت نسب نمو مرتفعة جدا مع أن الواقع غير ذلك، نمو الودائع المعلنة في نتائج البنك الأهلي أظهرت أن هنالك نمو في الودائع بنسبة 41 % بينما هي متراجعة بحدود 7 % أما محفظة القروض بحسب إعلان البنك فقد نمت بحدود 43 % ولكن عند إضافة أرقام بنك سامبا نجد أن النمو 3 % فقط، موجودات البنك الأهلي السعودي رغم أنها هي الأكبر ب 914 مليار ريال ومصرف الراجحي 624 مليار ريال إلا أن الراجحي تفوق عليه في صافي الأرباح حتى مع استثناء مخصص الاندماج المقدر بحدود 2 مليار ريال. القطاع المصرفي السعودي شهد عدة اندماجات بدأت باندماج البنك المتحد وبنك القاهرة مع بنك سامبا، ثم اندماج البنك الأول مع بنك ساب والاندماج الأكبر بين بنك سامبا والبنك الأهلي ولكن هذه الاندماجات لم تحقق القيمة المضافة التي كان يتطلع لها مساهمي البنوك المندمجة، مع أني أعتقد أن الحكم على اندماج البنك الأهلي وسامبا لا يزال في مراحلة المبكرة ومن الظلم الحكم على التجربة الآن، ولكي تظهر نتائج تقييم التجربة قد يحتاج ذلك إلى ثلاث سنوات على الأقل، ولكن الجانب السلبي الذي ظهر في نتائج البنك هذا العام هو تراجع الودائع بنسبة 7 % وهذا التراجع قد يُفسر بأن هنالك شريحة من عملاء البنك لم تحبذ الاندماج وقد يكون الاندماج تسبب في تراجع مستوى الخدمة عند نقل الحسابات مما دفع البعض الى تحويل حساباتهم للبنوك الأخرى، في المقابل لدينا تجربة رسملة الأرباح في مصرف الراجحي حيث تمكن خلال ثلاثة عقود رفع رأس المال من 750 مليون ريال عند الطرح الأولي إلى 40 مليار ريال هذا العام والقفزات الكبيرة في نتائج المصرف تثبت أن رسملة رأس المال أكثر جدوى من الاندماجات، وخصوصا أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة يحتاج فيها إلى زيادة عدد البنوك العاملة، ورسملة الأرباح جزء من بناء بنوك قوية، قادرة على التطور والمنافسة.