أعلن البنك الأهلي وبنك الرياض البدء في محادثات للاندماج وأعتقد أن هذا الاندماج سوف يتم بصورة كبيرة لأن صندوق الاستثمارات العامة هو أكبر المساهمين في البنكين وهو الذي حفزهما على هذا الاندماج رغبة منه في تعزيز مكانة البنكين وتكوين كيان ضخم قادر على المنافسة ومواكبة التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة وتحقيق أعلى معدلات الربحية بخفض التكاليف والدخول الى أسواق جديدة ولعل تجربة الاندماجات السابقة في البنوك السعودية أثبتت نجاحها من خلال اندماج البنك المتحد وبنك القاهرة مع بنك سامبا وهنالك اتفاقية ملزمة لاندماج بنك ساب مع البنك الأول.. ومع أن بعض الاقتصاديين لا يرى ضرورة للاندماج بسبب قلة البنوك في السعودية مع وجود أضخم اقتصاد في الشرق الأوسط ويخشون من الاحتكار وقلة المنافسة وبالتالي لا تتقدم البنوك ولا تسعى الى الابتكار والتطوير، وأيضاً يعتقدون أن البنوك الصغيرة لديها فرصة للنمو أكثر من البنوك الكبيرة وهذا صحيح ولكن وجود كيانات كبيرة خلال السنوات القادمة أصبحت ضرورة ملحة مع التقلبات الاقتصادية الحادة بفعل الأزمات والحروب الاقتصادية بين الدول المتقدمة، مع ضرورة فتح المجال لتأسيس بنوك جديدة تستطيع تحقيق النمو وابتكار منتجات جديدة قادرة على المنافسة مع استخدام تقنيات مصرفية متطورة تستطيع الوصول إلى أكبر قاعدة من العملاء والابتعاد عن التقليدية في الفروع وتقليل العنصر البشري والاعتماد على الخدمات الآلية في فتح الحسابات وإدارة العمليات المصرفية ومنح التمويل دون تدخل بشري وهذا من شأنه منح أفضلية المنافسة لهذه البنوك الجديدة وخفض التكاليف مما يجعلها قادرة على النمو، كما أن الدولة متجهة للسماح بدخول بنوك أجنبية وهذا يستدعي أن تكون بنوكنا قادرة على المنافسة في المرحلة القادمة وهذا يعزز من مكانة الاقتصاد السعودي ويمنحه المرونة وتعدد الاستثمارات وخصوصاً أن قوة الاقتصاد يجب أن يرادفها بنوك قوية قادرة على دعم النمو وتوفير المنتجات التمويلية والاستثمارية اللازمة له. اندماج البنك الأهلي مع بنك الرياض المحتمل من شأنه تكوين كيان قوي تتجاوز موجوداته حوالي 685 مليار ريال وهذا الاندماج في اعتقادي سوف يكون في صالح بنك الرياض حيث إن البنك الأهلي خلال السنوات الخمسة الماضية شهد تطوراً كبيراً في مجال التقنية المصرفية مما جعله ينافس بقوة على مصرفية الأفراد مع خفض للتكاليف ومخصصات الديون والتركيز على العميل وحقق له ذلك التحول الإيجابي نمو في الأرباح جعل منه البنك الأول على مستوى الربحية والموجودات ورأس المال بعكس بنك الرياض الذي لم يكن نموه عالياً على الرغم من انتشاره الكبير وخبرته الطويلة في مجال التمويل وخصوصاً تمويل الأفراد حيث كان هو البنك الأول الذي دخل هذا المجال، ولذلك سوف يستفيد بنك الرياض من الاندماج ويحقق له مرونة أكبر والاستفادة من نمو البنك الأهلي وخفض التكاليف وزيادة الربحية ويلاحظ من أرقام البنكين أن مصاريف الفرع الواحد لدى بنك الرياض حوالي 5.6 ملايين بينما في البنك الأهلي حولي 10 ملايين ريال وهذا قد يكون بسبب ارتفاع مصاريف الإيجار لدى بنك الأهلي بينما بنك الرياض معظم الفروع لديه ملك والاندماج من شأنه تقليص الفروع المستأجرة ودمجها مع الفروع المملوكة لبنك الرياض وتوفير مصاريف في حدود 2 مليار ريال مما يرفع صافي الأرباح بعد الاندماج من 15 ملياراً إلى 17 مليار ريال قياساً على الأرباح المحققة في عام 2018. هذه الأرباح العالية التي سوف تتحقق من الاندماج المحتمل بين البنك الأهلي وبنك الرياض قد تضغط على مصرف الراجحي وبقية البنوك الأخرى التي تعمل وفق الضوابط الشرعية ولذلك من المهم أن تبحث هذه البنوك في عملية الاندماج لتكوين كيان يساوي تقريباً الكيان الذي سيتشكل بين الأهلي والرياض، ويمتلك كل بنك من البنوك الأربعة ميزة نسبية تختلف عن الأخر حيث يمتلك مصرف الراجحي الانتشار الواسع مع تملك مقرات الفروع وتميزه في مصرفية الأفراد ويستحوذ على حوالي 90 % من الودائع غير المكلفة بينما مصرف الانماء حقق خلال السنوات الماضية معدلات نمو عالية بسبب قدرته على جذب ودائع عملاء بنسب أعلى من بقية البنوك الأخرى كما أنه تميز في مصرفية الشركات، بنك البلاد على الرغم ضعفه في النمو منذ بداية التأسيس إلا أنه في الثلاث سنوات الماضية استطاع تحقيق معدلات نمو عالية في الودائع والتمويل وكذلك يتميز بمراكز تحويل فعالة ولديها قاعدة عملاء كبيرة حققت له عوائد عالية، بنك الجزيرة ربما يكون أضعف البنوك الأربعة من حيث النمو إلا أنه تميز في الذراع الاستثماري (الجزيرة كابيتال) ولديه محافظ وصناديق استثمارية كبيرة، متوسط تكلفة مصاريف الفرع في مصرف الراجحي حوالي 5.5 ملايين بينما ترتفع في مصرف الإنماء حوالي 12 مليون ريال وفي بنك الجزيرة 13 مليون ريال وبنك البلاد 11 مليون ريال ولو تم الاندماج فإن الخفض المتوقع في المصاريف حوالي 2.3 مليار ريال والتي قد تحقق ارتفاعاً في الأرباح إلى حوالي 17.3 مليار ريال لتكون أعلى أرباح في القطاع المصرفي مع فرصة نمو أعلى من البنك الأهلي وبنك الرياض، فهل يتحقق الاندماج وفقاً للمعطيات السابقة لمواجهة التحديات وتكوين أكبر بنك في العالم يتعامل وفق الضوابط الشرعية. مؤشرات الأداء حسين بن حمد الرقيب