حققت البنوك السعودية نتائج جيدة في النصف الأول من العام الحالي 2021 ويبدو أن الأزمة الاقتصادية التي سببتها جائحة كورونا زادت البنوك قوة وصلابة، ثقة العملاء في البنوك السعودية زادت مع مبادرات البنك المركزي السعودي في بداية الأزمة والتي تكفلت بحماية البنوك من أي صدمات اقتصادية قد تتعرض لها، فزادت ودائع العملاء حتى وصلت إلى أرقام تاريخية غير مسبوقة فزادت الودائع بنهاية النصف الأول بحولي 212 مليار ريال على أساس سنوي وهذا النمو الكبير في الودائع عادة لا يحدث في أوقات الأزمات، الزيادة الكبيرة في الودائع ساهمت في توسيع البنوك لعمليات الإقراض وخفض الفوائد والاستفادة من التمويل السكني الذي تدعمه الحكومة وتجاوزت قيمته 153 مليار ريال في 12 شهر من يوليو 2020 إلى يونيو 2021، النمو الكبير في الإقراض ساهم في زيادة أرباح البنوك على أن التوقعات كانت تشير إلى ضغط تراجع أسعار السايبور على هوامش الربحية، انخفاض مخصص خسائر الائتمان في النصف الأول ساهم أيضاً في تراجع المصاريف، وذلك بعد أن اطمأنت البنوك إلى انحسار أثر الجائحة على الاقتصاد السعودي وكذلك تمديد برنامج تأجيل الدفعات عن الشركات الصغيرة والمتوسطة أحد برامج البنك المركزي الذي عزز الجدارة الائتمانية للبنوك السعودية وأعتقد أن التمديد سوف يستمر إلى نهاية العام الحالي ولذلك من المتوقع استمرار الأداء الجيد للبنوك في النصف الثاني، التوزيعات النقدية هي الأخرى سوف تتحسن بعد سماح البنك المركزي للبنوك بالتوزيعات هذا العام بعد أن كانت محظورة العام الماضي، وهذا قد يزيد من جاذبية الأسهم البنكية ولوحظ ذلك خلال الأسابيع الماضية حيث قاد القطاع المصرفي مؤشر السوق المالية السعودية في الوصول إلى مستويات 11 ألف نقطة، مصرف الراجحي قدم أداءً استثنائياً وغير مسبوق في القطاع المصرفي حيث تمكن من رفع الودائع المصرفية بحوالي 113 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 34% كما أنه نجح في إقراض حوالي 115 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 42% هذا الأداء الرائع قاد المصرف إلى تحقيق صافي أرباح في النصف الأول قاربت من ال7 مليارات ريال بنسبة نمو تجاوزت 44% هذه الأرباح الضخمة قد تستمر لسنوات عديدة بدعم من محفظة تمويل قاربت من ال400 مليار ريال ومن الصعب جداً تراجعها في ظل تركيز المصرف على تمويل الأفراد حيث تشكل نسبتهم حوالي ال70% من إجمالي المحفظة ونوعية القروض طويلة ومتوسطة الأجل، كما أن نسبة التعثر تظل متدنية لدى المصرف بسبب ضمان تحويل الراتب إضافة إلى تغطية المخصصات المجنبة بحوالي ثلاثة أضعاف القروض المتعثرة، البنك الأهلي تراجع أداؤه بسبب عملية الاندماج وظهرت نتائجه غير جيدة بعد إضافة أرقام بنك سامبا في النصف الأول 2020 إلى أرقام البنك الأهلي ومقارنتها مع أرقام النصف الأول من العام الحالي حيث نمت الودائع 11% بينما لم يحقق البنك الأهلي أي نمو في محفظة الإقراض حيث كانت قيمة المحفظة في النصف الأول عام 2020 حوالي 503 مليارات ريال بعد إضافة أرقام بنك سامبا وهو نفس الرقم الذي أعلنه البنك الأهلي في نتائجه عن النصف الأول 2021 وحقيقة لم يتبين لي سبب عدم نمو محفظة التمويل مع أن البنك الأهلي حقق نمواً في محفظة التمويل بحوالي 17% في الربع الأول الذي سبق عملية الاندماج، أما الأرباح فقد تراجعت بحوالي 23% بعد تعديل أرقام المقارنة، مخصص خسائر الائتمان أثر على الأرباح حيث ارتفع بحوالي 2.7 مليار ريال ويعود ارتفاع صافي مخصص الانخفاض في خسائر الائتمان بعد إضافة مخصصات في قائمة الدخل والمتعلقة باليوم الأول للاندماج حسب متطلبات المعايير المحاسبية الدولية، البنوك الصغيرة بدأت تعاني كثيراً ولم تستطع مجاراة البنوك الكبيرة في استقطاب العملاء الافراد ومنحهم التمويل بل إن هنالك تسرب لعملائها مع توجه البنوك الكبيرة إلى شراء مديونيات عملاء هذه البنوك بأسعار زهيدة ومنحهم قروض بفوائد متدنية وهذا قد يدفع البنوك الصغيرة إلى البحث عن اندماجات مع بنوك أخرى من أجل المحافظة على استمراريتها كما أن البنوك الرقمية التي تم التصريح لها سوف تزيد معاناة هذه البنوك ان بقيت على حالها نظراً لانخفاض مصاريفها الإدارية وقدرتها على الدخول بقوة إلى سوق تمويل الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة بأسعار منافسة.