حينما نتحدث عن 22/ 2/ 2022م، فإننا لا نتحدث عن مجرد رقم تاريخي مميز، إنه شاهد على ميلاد حضارة قامت منذ ثلاثة قرون، قامت بقوتها، وعزّها ومجدها، لم تستعمِر، ولم تسطُ على أرض، ولم تأتِ بتوقيع من أحد.. دولة قامت لجمع تناثر قبائلها المتشتتة وغير المستقرة في جزيرتها الصحراوية، لتكون وحدة آمنة في ظلّ الجزيرة العربية. جمع شتاتها الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- عام 1727م، الموافق 1139 للهجرة النبوية الشّريفة. منطلقة من الدرعية لتكون عاصمة لها، منتهجة القرآن الكريم والسنّة النبوية دستورًا لها، إنه الهدف الذي قامتْ عليه الدولة السعودية الأولى. فلم تكن مجرد فكرة لقيام دولة بل عمل على نشر الاستقرار والأمن في الجزيرة العربية منطلقة من الدرعية وتقوية مجتمعها، باستقلال سياسي غير تابع لأي نفوذ، مهتمًا بأمور أمنها وحياتها الداخلية، ساعيًا لتنظيم موارد الدولة. ولعلي أذكر في هذا الحديث أهم ما قام به الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- في الدولة السعودية الأولى من مناصرة للدعوة الإصلاحية وحمايتها، وانطلاق حملات التوحيّد، وتوحيد معظم منطقة نجد، ودعوة البلدات للانضمام إلى ظلّ الدولة السعودية، وتأمين طريق الحج والتجارة، والتصدي لعدد من الحملات العدائية على الدولة. وكيف لا نعتزّ ونخلّد هذا التاريخ لدولة قامت بقوة حكامها وسعيهم لخلق الأمن والأمان والاستقرار بدولتهم، بعد أن عاشت زمنًا من الإهمال والركن في زوايا النسيان مع وجود حضارات قوية آنذلك، لتزدهر وتكون حضارة عظيمة نعيش في أكنافها هذا اليوم. وحينما نتحدث عن العاصمة التاريخة (الدرعية) التي أفخر بأن أتحدث الآن وأنا أقف على ترابها، تلك التربة المخلصة التي ساهمت في تثبيت أصول دولتنا السعودية لتكون منطلقًا لها حتى قويتْ لتسلّم مقاليد عاصمة الدولة للرياض في عهد الأمير تركي بن عبدالله بن محمد آل سعود لتحافظ الدرعيّة على هدوئها وعمقها التاريخي، وتستمر الرياض عاصمة قوية حتى اليوم. إن هذا التاريخ شاهد حضارة على دولة تأسست من بذرة صغيرة ضربت جذورها في عمق الأرض، حتى عانقت السماء شموخًا وعزّة. اللهم أدم لنا عزّنا وفخرنا، واحفظ لنا والدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وكُن لهما عونًا وقوة.