طالعت في «الرياض» في عددها الصادر يوم 26 رجب 1443 (ص 13) من الرياض الثقافي، فألفيت عرضاً حيوياً صوب (مسارات الجوائز الثقافية الوطنية)، فلفت نظري ما تم تناوله بحيثيات جديدة تستدعي النظر، لوجود بذل فاعل نحو ما يحسن نظره، ولقد تأملت ذلك بشيء من الاسترواح المتبسط لاستخراج الزبدة منه، فوجدت ما يحسن معه التعقيب والإضافة، لا سيما ونهضة الدول وبناء الحضارة يقوم على ما يتم تملكه من أسس قوية وفاعلة من العلم والثقافة الرصينة والوعي والشعور بالمسؤولية. ولقد جست خلال الديار أتدبر بعد نظر مكين، وكنت أقيس وأتعمق في أساسيات الأقدمين ممن نبغ وبذل وتخلد ذكره على تجرم القرون، فوجدت أن الجوائز والمحفزات لذوي الثقافة والعلم المتجدد دافع حيوي للبذل والعطاء. كم أود ممن عُرف بقوة الطرح والتجديد ولو في جانب واحد، ولا يعرف عنه التكرار أو الإسفاف، ويعلم عنه حبه للإضافات، ألا يُقتصر على الجائزة بل يؤخذ كمستشار في مجاله في جهة رسمية تعتني بمثل ذلك. فالإمام خالد بن معدان، والإمام اليحصبي، والإمام ابن خلدون وسواهم خلال قرون خلت، كانوا لنبوغهم وطرحهم الجديد قد تم ترسيمهم في بلدانهم، ومن هنا أضافوا العديد من الأطروحات الجديدة والمفيدة. وكذا نجد عند ابن قتيبة الدينوري، والإمام العيني، فقد جددا بماثلة حية سباقة، الأول في مسار الأدب والثقافة والنقد، والثاني في العلم التجديدي والنحوي يشهد له: عمدة القاري، كما يشهد للأول عيون الأخبار، وأدب الكاتب، والشعر والشعراء. التاريخ العلمي الرصين والشواهد المترجمة للنابهين قائمة ماثلة في سبيل مقيم، فحبذا احتواء الصنف الرصين المتمكن عقلاً وأدباً وخلقاً وولاءً أن يتم نظره على أساس أن يعمل رسمياً للاستفادة من عقليته وقوة حدسه وطرحه وإضافاته التي تحتاجها الدولة في نسق مطرد صوب النوعية السباقة، وهذه لا جرم قفزة سباقة تجاه المعالي والتقدم والبناء الصلب المتين.