تحتل الصقور جزءاً وحيزاً كبيراً من ذاكرة وتاريخ المملكة الممتد إلى العام 1727م، حينما وضع الإمام محمد بن سعود، مؤسس الدولة السعودية الأولى أول لبنة في بناء صرح المملكة، فأرسى الوحدة والاستقرار والأمن، وأسس أيضًا لهويةٍ راسخةٍ، كان الصقر موجوداً في جوانب مضيئة منها. خلال ثلاثة قرون، كانت الصقارة جزءًا فعالًا من رحلة التأسيس، ولعبت دورًا في مسيرة الأجداد وأمجادهم، ورفيقًا للحياة اليومية بكل ما تحمله من تفاصيل وقصص ملهمة، تدعو إلى الفخر والاعتزاز. ففي مجتمع الدولة السعودية الأولى، اتخذ الصقر مكانة عالية؛ حيث اشتهر عندهم تشبيه الممدوح بالصقر الحر الأصيل، كما لعب الصقر دورًا عبر مسيرة قاربت الثلاث مئة عام كعامل اقتصادي في التجارة، وفي خلق أواصر المحبة والتماسك الاجتماعي بين أبناء الجزيرة العربية، فكانوا يُطوعون الجوارحَ؛ من أجل الصيد وإيجاد لقمة العيش، وكهواية ارتبطت بالعرب منذ القدم. ووثَّقَ الرحالةُ والمستشرقون خلال زياراتهم مناطق الجزيرة العربية وجود هواية الصيد بالصقور، وكان أفضل أنواع الصقور التي لها شعبية كبيرة «الحر والشاهين والوكري». كما وثقت الآثار المكتشفة في موقع المقر الأثري قرب محافظة وادي الدواسر استئناس إنسان الجزيرة العربية للصقر منذ 9 آلاف عام، في فترة العصر الحجري الحديث.