يومٌ عظيمٌ صنع للسعوديين مجداً تليداً منذ ثلاثة قرون، هذا اليوم الذي وُلِدت فيه دولة مباركة هي نواة مملكتنا العربية السعودية، فهو اليوم الذي تأسست فيه الدولة السعودية معتمدةً على أساس متين من العقيدة الراسخة، فنهضت منذ ذلك الحين على دستور من القرآن الكريم، والسنة النبوية، فكان ذلك اليوم ميلاداً لدولةٍ اختطت لنفسها مسلكاً قويماً وفريداً غير متسلح إلا بالله، ثم الصبر والتضحيات. هذا اليوم الذي ولدت فيه دولة مباركة رسمت لنفسها سياسةً عمادها النخوة والشهامة، والأصالة والعراقة، وحب الخير، ونصرة أهله، ونبذ الشر، وقمع زمرته، فأصبحتْ بهذا اليوم شاهدةً على الاعتزاز بالقوة والصمود، والرفعة والصعود، وعدم الخنوع والانكسار، أو التقهقر والانحدار. نعم، إنه يوم التأسيس، يوم البدايات، والبطولات، والأمجاد التي تترى بحمد الله. ومن هنا يأتي اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله – في إعادة ذكرى هذا اليوم، وبعث الاعتناء به من جديد؛ ليكشف عن حرص القيادة الحكيمة المستمر على تقوية الرابط الوطني، وتعزيز الأصول الثابتة، وتوطيد الدعائم التي أرساها مؤسسو هذه الدولة المباركة - رحمهم الله – منذ أن كانت بذرة حتى استوت دولة عظيمة ضمن قائمة دول العشرين، لذلك فإن مثل هذا اليوم هو مبعث فخر واعتزاز، ومصدر مجد وشرف لدى كل إنسان سعودي يعلم أن هذا اليوم هو أصل تطوره، ونمائه، ومنطلق عزّه ورخائه، فكل تقدم نشهده اليوم إنما هو - بفضل الله تعالى – ناشئ من ذلك اليوم المجيد الذي تأسست فيه هذه الدولة المباركة. ولقد شعرتُ بشيء من الزهو وأنا أقرأ الأمر الملكي الذي صدر في يوم الخميس (24 جمادى الآخرة 1443ه، الموافق 27 يناير 2022م)، على هذا النحو: «يكون يوم (22 فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس) ويصبح إجازة رسمية»، وزاد من غبطتي وسروري حين قرأت نصه الذي قام على جمالية حكائية وتأريخية، وجاء فيه: «واعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه في منتصف عام 1139ه (1727م) للدولة السعودية الأولى التي استمرت إلى عام 1233ه (1818م)، وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أرسته من الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها، إذ لم يمضِ سوى سبع سنوات على انتهائها حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240ه (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت إلى عام 1309ه (1891م)؛ وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319ه (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها..». وسيبقى منتصف عام 1139ه الموافق لشهر فبراير من عام 1727م الذي هو بداية عهد الإمام محمد بن سعود وتأسيسه للدولة السعودية الأولى يوماً تاريخياً عظيماً في حياة السعوديين، وليكون يوم (22 فبراير) من كل عام هو (يوم التأسيس) الذي يدعونا إلى الحمد، والشكر، والفخر، والاعتراف بقيمة هذا الوطن، وفضله العظيم.