خاض جو بايدن معركة الخميس لانقاذ مشروعه للاصلاح الانتخابي الذي قدمه للكونغرس وذلك بعد أن عطلت المحكمة العليا قراره فرض اللقاح المضاد لكوفيد في الشركات، ما يسلط الضوء على مدى هشاشة موقف الرئيس الاميركي. وقال بايدن الخميس في أعقاب اجتماع عقده مع أعضاء ديموقراطيين في مجلس الشيوخ "آمل أن نتوصل إلى ذلك لكني لست واثقًا". وأضاف "إذا فشلنا في المرّة الأولى، يمكننا أن نحاول مرّة ثانية". واستقبل في البيت البيض مساء الخميس السناتورين الديموقراطيين جو مانشين وكيرستين سينيما اللذين يعرقلان مشروعه لإصلاح النظام الانتخابي الزاعم بحماية حقّ الأقليّات في التصويت. واستمرّ الاجتماع ساعة و20 دقيقة تقريبًا وانتهى قبل السابعة مساءً بقليل، وكان "تبادل وجهات نظر صريح ومحترم حول الحقوق في التصويت"، حسبما أعلن مسؤول في البيت الأبيض. وعبر بايدن عن "الخيبة" جرّاء اعتبار المحكمة العليا قراره فرض إلزامية التلقيح على الشركات "مخالفًا للقانون". واتُّخذ القرار بغالبية ستة قضاة من أصل تسعة، كلهم محافظون. وقد أعلن القضاة التقدّميون الثلاثة معارضتهم. وفي الولاياتالمتحدة فقط 62 بالمئة من السكان تلقوا كامل الجرعات اللقاحية بسبب الانقسامات السياسية حول هذه المسألة في بلاد سجّلت إلى الآن أكثر من 845 ألف وفاة. في المقابل، أيدت المحكمة العليا الزامية تلقي التلقيح في المرافق التي تحظى بتمويل فدرالي. * وعود كبيرة؟ ويؤدّي تعاقب الأخبار السيئة لبايدن إلى تآكل رصيده السياسي وهو لا يحظى بشعبية كبيرة بعد أن قدّم وعودًا كبيرة ربما، في ظلّ وجود مساحة صغيرة جدًا للمناورة. وكان بايدن وعد بحماية حق الأقليات في الوصول إلى صناديق الاقتراع وبشفافية عمليات الاقتراع في مواجهة العديد من التعديلات التي تدخلها ولايات محافظة على القوانين الانتخابية ولا سيّما في جنوب البلاد. وتؤكد منظمات حقوقية أنّ هذه التعديلات التي يدفع بها في هذه الولايات الجمهوريون تعرّض الأميركيين السود للتمييز، علماً بأنّهم صوّتوا بغالبية ساحقة لبايدن في الانتخابات الأخيرة. ولقطع الطريق على هذه التعديلات طرح بايدن مشروعاً لإصلاح النظام الانتخابي من خلال توحيد ممارسات التصويت على الصعيد الاتّحادي ومنح السلطات الفدرالية حقّ النظر في أي تعديل يتمّ على مستوى الولايات. وليست السناتورة الديموقراطية الوسطية سينيما ضدّ التشريع بحدّ ذاته، لكنّها تعترض على المناورة البرلمانية التي توصلت إليها القيادة الديموقراطية والبيت الأبيض من أجل تجاوز تعطيل المعارضة الجمهورية في الكونغرس. ومن دون صوتها لا يمكن تمرير المشروع إذ إن المعسكر الديموقراطي يحظى ب51 صوتاً في مجلس الشيوخ، بمن فيهم صوت نائبة الرئيس كامالا هاريس، بينما يحظى الجمهوريون بخمسين صوتاً. بعد الفشل في إقناع أعضاء مجلس الشيوخ المعارضين بشدّة، يتمثّل الحلّ الوحيد أمام الديموقراطيين لإنقاذ مشروعهم بكسر الممارسة البرلمانية واللجوء إلى الأغلبية البسيطة. * "دوّامة الانقسام الجهنّمية" وتعتبر سينيما أن الاستراتيجية لا تقوم إلّا بتأجيج "دوّامة الانقسام الجهنّمية". من جهته، أعلن السناتور الوسطي جو مانشين في بيان أنه لن يصوّت "لإلغاء أو إضعاف" قاعدة الأغلبية الزائدة. ولا يمكن تمرير المشروع دون صوتهما. ويذكّر يوم الخميس هذا جو بايدن بأن مدى حركته ضيّق. فعليه مثلًا أن يتعامل مع كونغرس لا يتحكّم به جدًا وولايات محافظة معارضة بشدّة للعديد من المسائل (منها الإجهاض والحقّ في التصويت وإدارة تفشي الوباء) ومحكمة عليا أصبحت محافظة جدًا بعد التعيينات التي أجراها دونالد ترمب. وقد يخسر بايدن أغلبية أصوات الكونغرس بعد بضعة أشهر خلال انتخابات منتصف الولاية. وفي تلك الحالة سيصبح مكبّلًا حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة.