بدون قراءة لا حاجة للمكتبة للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، «الرياض» تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الكاتب والمؤلف أ. محمد حلوان الشراري الذي صدرت له مجموعة من الإصدارات الأدبية والتاريخية والدواوين الشّعرية للحديث حول مكتبته التي تضم أكثر من «3.000» كتاب مرتبة ومرقمة يتضمنها بعض الكُتب النادرة؛ مثل: «سمط النجوم العوالي» المطبوع عام 1380، و»شرح المفضليات» للتبريزي، و»آثار البلاد وأخبار العباد»، و»الأنساب»، و»ذيل وفيات الأعيان المسمى ذرة الحجال في أسماء الرجال» وغيرها من صنوف العلم الأدبية والتاريخية والعلمية. * في أيِّ مرحلة تعرَّفتَ على الكتاب؟ * تعرفت على الكتاب منذ الصغر حيث نشأت في أسرة محبة للقراءة فكان شقيقي "أبو نادر" حريصاً على المجلات الشعبية والصحف اليومية وقراءتها والاطلاع على ما فيها من أدب وقصص، فيما شقيقتاي "نوارة ومنيرة" لهما اهتمام بالأدب العربي وكتب التراث، إضافة إلى عدد من الإصدارات العالمية الروائية المترجمة والعربية. فكنت أقرأ ما أجد أمامي من كتب أدبية أو مجلات شعبية حتى زرع فيني حب الكتاب، وكنت مثلما قال البرتو مانغويل: "بينما كان أصدقائي يحلمون بعوالم الهندسة والحقوق، والسياسة الوطنية، كنت أحلم بأن أصبح موظفاً في مكتبة وكانت هذه البداية لتعلُّقي بالقراءة، عن طريق هذه الكُتب والصُّحف والمجلات، ثمَّ زادت وتقوت بكثرة القراءة. * هل تتذكر بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ * لم يكن لبداية تأسيس المكتبة تاريخ معين؛ ولكنها بدأت بكتاب وكتابين كنت أضعهن في الغرفة في نافذة كان من المفترض أن يكون بها المكيف لكني استغللتها لتكون مكتبة خاصة لي فتطورت تلك المكتبة شيئاً فشيئاً حتى أصبحت مكتبة تضم بين دفتيها ما يقارب من ثلاثة آلاف عنوان نصيبي منها كمؤلف شخصي ثلاثة عشر مؤلفاً. * ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * معارض الكتب أحد الروافد المهمة التي يستقي منها المثقف الكتب التي يحتاجها، وهي بلا شك عرس ثقافي يلتقي فيه المبدعون ويتبادلون الثقافة والكُتب ويواكبون الإصدارات الحديثة، ومنها تعرفت على الكثير من الأدباء والمثقفين. * ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشخصية؟ * المنعطفات كثيرة؛ وأهمها الشغف للقراءة وحبها فبدون قراءة لا حاجة للمكتبة، أما أصعبها ففي البدايات عانيت من إعارة الكتب لمن أثق بهم؛ ولكنهم لم يقدروا تلك الثقة، بل إن البعض لا يهتم بها أو يحرص على الحفاظ عليها مثل صاحبها الذي أضناه التعب حتى امتلكها، فإما أن لا تعود أو تتعرض للتلف. ولكن ولله الحمد تداركت تلك المشكلة واستطعت العودة للطريق الصحيح. * حدثنا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * أول كتاب كان "تفسير الأحلام" الذي كان لي معه كثير من الطرائف منها: أن زميلي في المدرسة وبالصدفة كان يتحدث لنا عن رؤياه في المنام وكانت عن موضوع قرأته في الكتاب فقلت له ستحقق لك أمراً تحبه إن شاء الله ووقع فعلاً، فتواكب عليّ الزملاء لتفسير أحلامهم، وبالكاد أقنعتهم أني لا أفقه شيئاً في تفسير الأحلام، ولكنها الصدفة. ثم أخذني كتاب "أي بُنيّ" للدكتور عبدالعزيز الخويطر- رحمه الله- بأجزائه الخمسة الذي استعرته من مكتبة المدرسة إلى عوالم جميلة يقصها الأب على ولده وتلك الألغاز التي يختبر بها أبناءه، ونهلت أيضاً من كُتب الطنطاوي ما لذ وطاب، ثم قرأت ديوان "المتنبي" و"مجنون ليلى". * هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ * إن كنت تقصد المخطوطات بالاسم المتعارف عليه فلا يوجد لديّ مخطوطات.. ولكن يوجد لدي صور لكُتب مخطوطة لمؤلفين أو شعراء رحلوا عن الدنيا، عثرت على كُتب لهم جاهزة للطبع؛ ولكنها لم تطبع وهي تعتبر من الكُتب المخطوطة. * ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * تحوي مكتبتي بعض الكتب النادرة؛ وإن لم تكن قديمة جداً مثل: كتاب "سمط النجوم العوالي" المطبوع في عام 1380 في المطبعة السلفية، وكذلك كتاب "شرح المفضليات" للتبريزي تحقيق علي البجاوي: ط1397، وكتاب "آثار البلاد وأخبار العباد" الطبعة الثانية للإمام العالم زكريا بن محمد القزويني، وكتاب "الأنساب" لأبي سعيد عبدالكريم السمعاني، وكتاب "ذيل وفيات الأعيان المسمى ذرة الحجال في أسماء الرجال" لأبي العباس أحمد بن محمد القاضي تحقيق محمد الأحمد أبو النور ط 1390ه وغيرها. * هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة؟ * لديّ بعض الصحف والمجلات التي صدرت قبل عدة عقود فقط وأغلبها شعبية بحكم اهتمامي مثل: اليمامة، النهضة، المختلف، فواصل، شهد، بروز، أصداف، والمجلات الرياضية مثل: النادي، عالم الرياضة، وغيرها. * هل يوجد في مكتبتك كُتب بتوقيع مؤلفيها؟ * لديّ كثير من الكُتب التي أهداها لي مؤلفوها، وأعتبرها من أغلى الهدايا التي وصلتني وأحرص على قراءتها، فالهدية غاليه على صاحبها ومستقبلها، وكثير من الكُتب المُهداة تأخذني إلى عالمها فأكتب عنها قراءة أدبية وأنشرها في جريدة "الرياض" و"الجزيرة" أو في مجلة "اليمامة". * ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبك؟ * هناك بعض الكُتب الطريفة في عناوينها مثل: فئران الحياة لزهير كتبي، أخبار الحمقى والمغفلين، ورواية الزوجة العذراء، والبخلاء، والأذكياء. * هل طرافة الكتاب أو طرافة موضوعه من معايير النفاسة؟ * لا، قيمة الكتاب تحكمها رصانة مضمونه، ولكن قد يكون للطرافة دور في لفت النظر للكتاب. * ما أطرف المواقف التي حصلت لك أثناء البحث عن الكُتب؟ * المواقف كثيرة، ولكن أذكر هذا الموقف الذي حدث لي وقد تكون هذه الإجابة متعلقة في سؤال إهداءات الكتب، فعندما كنت أبحث عن أحد الكتب النادرة التي أحتاجها، وبعد جهد مضنٍ وجدت الكتاب وكان سعره غالياً بالنسبة لمثلي كطالب، ولكني اشتريت الكتاب، وفي نشوة فرحتي وأنا أتصفح الكتاب، حضر لي أحد الأصدقاء وأصر على أن يستعير الكتاب ولثقتي فيه غامرت وسلمته له، وبعد أيام أعاده لي وقد أتلف كثيراً من الصفحات، وأعتذر بأن أحد الأطفال قام بالمهمة دون علمه فانزعجت منه كثيراً دون مبالاة منه، مما حداني لأعطيه الكتاب قائلاً ليكمل الطفل المُهمة التي بدأها. * ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها؟ * القراءة بمجملها ممتعة، فكل ما يقع في يدي أقرؤه "فكلما قرأت كتاب تعرفت على صديق جديد" ولكني أحرص كثيراً على قراءة السير الذاتية والغيرية والمذكرات وكتب التاريخ، ففيها أجد المتعة والفائدة وخلاصة التجارب وكل ما فاتك في الحياة تجده في الكتب. * هل تستفيد أسرتك من مكتبتك في إعداد بحوثهم؟ * لاشك أن أشقائي وشقيقاتي وأسرهم ينهلون من هذه المكتبة ويقرؤون بعض المراجع التي يحتاجون لكن القصص والروايات تأخذ منهم الكثير من الوقت أما ابنائي فلا زالوا في مرحلة قصص الأطفال فمنهم من يهتم بقراءتها والاطلاع عليها. * ماذا تُفضل المكتبة الورقية أم الرقمية ؟ وما السبب؟ * الأفضل بالنسبة لي في الوقت الحالي الكتب الورقية حيث إنني أستطيع أن أغلفها عند آخر صفحة توقفت فيها وأستطيع التهميش على الكتاب وكتابة ملاحظاتي على الكتاب.. أما الكتاب الإلكتروني فقراءته من الجهاز أو الجوال متعب للعينين ثم إن التوقف عن القراءة يجبرك على العودة مرة أخرى حتى تصل للصفحة التي توقفت عندها. * هل مكتبتك متخصصة أو متنوّعة؟ * مكتبتي متنوعة تحتوي على صنوف العلم والثقافة أهذبها سنوياً؛ فأتخلص من الكتب غير المهمة وأستقبل الكتب المهمة. * ما القراءة بنظرك؟ * القراءة بالنسبة لي هي غذاء العقل وسلوة الروح وتحفيز للذهن.. هي كل شيء، ففيها تتوسع مدارك القارئ وتزداد ثقافته، وتنمي محصلته اللغوية، فلو قرأ الشخص في اليوم صفحة من كتاب لوجد أنه في نهاية العام قد قرأ العديد من الكُتب ووسع من ثقافته، وأنصح بالتنوع في القراءة وعدم المحدودية. * ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة به؟ * أنصحه بتنويع مصادرها وأن يعتمد نظاماً يهذبها فيه سنوياً بحيث يتخلص من الكتب غير المهمة ويضيف الكتب المهمة ويجعلها مفتوحة للباحثين والأهم "أن لا يعير الكُتب" فقد فقدت بعض الكُتب والأشرطة النادرة بسب الإعارة، وليجعل شعارها العبارة الشهيرة:"مجنونٌ مَن يعير كتاباً، والأكثر جنوناً من يردُّه لصاحبه" وإن كان مجبراً على الإعارة فليمنحه هدية. * كلمة أخيرة؟ * أتمنى أن أكون ضيفاً خفيفاً على القرّاء، وأشكر جريدة "الرياض" الغراء على حرصها على المثقفين من أبناء وبنات الوطن، كما أشكرك أستاذي الشاعر: بكر هذال وقد تشرفت بأن مكتبتي تحتوي على ديوانك الشعري، وأكرر شكري لكم جميعاً على هذه الصفحة وفكرتها والتي ستصبح يوماً ما مرجعاً مهماً بإذن الله. الضيف وعشق مستمر للكتاب محمد الشراري من مخطوطات المكتبة ديوان «بكر هذال» موسوعة «تاريخ التعليم» العام 1999م كتاب «ذيل وفيات الأعيان» كتاب «سمك النجوم العوالي» C:\Users\aaldubays\Desktop\ttttttttttttttttttttt\111111111\r-1-13-3012 Folder\Links\14062907.jpg كتاب «ذكريات» للطنطاوي رواية «الزوجة العذراء» للعليان كتاب «الأنساب» كتاب «نفح العود» العام 1982م كتاب «شرح المفضّليات» مجلة «اليمامة» العام 1988م مجلة «الغدير» العام 1998م