قبل عدة أيام دار بيني وبين أحد الأصدقاء حوار حول الشهرة المفاجئة وقوة تأثيرها رغم ضعف المحتوى والهدف والرسالة أيضاً، فكانت الكثير من الانتقادات تحاصر هؤلاء العابرين على حافة الشهرة، ويكون مصيرهم محدداً إما بالسماء فيحلق وتضرب معه ضربات الحظ، أو يهوي نحو الطريق المنحدرة فلا يبقى منه شيء يذكر، والعجيب أن التساؤلات المطروحة جميعها تصب في وعاء واحد وهو لماذا المفيد وصاحب التأثير المليء بالقيمة لا يصل للمكانة بسهولة..؟ تجد الكثيرين من أصحاب المحتويات الهادفة يتخبطون بأنفسهم ليلاً نهاراً لإيصال رسائلهم بكل احترافية ودقة، رغم أنهم في أحيان كثيرة قد يصلون حتى لو كان متأخراً وبطيئاً إلا أنهم لا يجدون الشعبية التي يجدونها بمن تكون شهرته بدافع العفوية والكوميديا الساخرة أو حتى المحتوى المبني على التشويه للأطراف الأخرى بشكل خاص أو عام بطريقة حرب عارمة بين عدة مجموعات تثير الرأي العام على موضوع قد يكون مسيئاً أو غير لائق أخلاقياً أو حتى اجتماعياً، الجميع بحاجة إلى العلم، والجميع يصيح وينادي بالمجالس على الاختيار المناسب من المؤثرين الذين من شأنهم أن يرفعوا قيمة المحتوى المرئي والمسموع وتزيد من الكثافة الثقافية بالمجتمع، لكنهم وبذات الوقت يتسارعون لإشهار من لا رصيد ثقافياً له ولا محتوى قيّم يضيف للقيمة الفكرية والعلمية عطفاً على تشجيع من اجتهد ليبني نفسه ويحقق النجاح العلمي المتوقع لكي يكون لدينا الكثير من الأجيال ذوي الخبرة والكفاءة العالية والثقافة الأصيلة، في حال أردنا أن نرجح إحدى الكفتين فالشهرة الآن هي أسهل طريق لبناء الإنسان على حد ما نرى في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تكون الطريق الأول لكل من يريد أن يحقق الدخل المادي الذي يرضي ذاته وقناعاته حتى ولو كان بطريقة ساذجة تحت راية الغاية تبرر الوسيلة، الأساليب المتبعة في تحقيق الهدف تختلف من شخص لشخص آخر ومستوى الرغبة في التحقيق أيضاً تختلف فمنهم من يجد بذلك حلماً، ومنهم من يجده مكسباً فقط فإن لم يأتِ فلا آثر في ذلك، منهم من هو حريص على مكانته وصورته الاجتماعية بدرجة عالية جداً فهو يريد تحقيق ذلك وفق ضوابط معينة تتناسب مع فكره وعقليته ولا تجعله ساذجاً وأحمق بالمقام الأول، على كل حال رغم تزاحم الآراء و القناعات الشخصية تحت شعار كل مرءٍ يعطي ما عنده، فالهدف السامي حتى وإن قلّت رؤيته في عالم مليء بالمتهافتين التافهين إلا أن الشمس يستحيل أن تخفيها رُقعة، حارب من أجل ما تريد حتى وإن كان لا يُرى، الاستحقاق سيصلك حتى لو كان على جناح بعوضة.