كثير من المثقفين في دولنا العربية ينبهرون بالغرب وبما توصلوا إليه من علم وحداثة وتطور، ويقلدونهم حتى في أدق التفاصيل، وهو ما دفعني إلى كتابة هذا المقال ليكون رسالة للمنبهرين بالغرب. رسالتي لهؤلاء لم تكن إلا من منطلق دراستي في فرنسا لسنوات وسنوات، تعاملت فيها مع الأوروبيين عن قُرب، لا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو التلفاز أو دور السينما، وإنما وجه لوجه، تفاعلت معهم وتفاعلوا معي. صحيح أنني وجدت من الحداثة والتطور ما يعجز اللسان عن وصفه إلا أن هناك جانباً غاب عنهم، وهو الأخلاق بمفهومها الإسلامي الصحيح وليس الشكلي، وكذلك القيم والعادات والتقاليد المنشودة، والتي نتميز بها عنهم. ولكي أقرب الصورة لك أخي القارئ الكريم، فالفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي طالما تغنى بمدينته الفاضلة، فقد رسخ الفكر الطبقي في أنحاء القارة العجوز، بل وصل الأمر إلى اعتبار المرأة جنساً آخر منحطاً، بل الأدهى من ذلك أنه على الرغم من وصول "أفلاطون" إلى درجة كبيرة من الفلسفة والعلم لم يتطرق عقله إلى "التوحيد" حيث عاش ومات وثنياً، وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة حول فكره ومنطقه في تناول نواميس الكون. مثال آخر، عالم النفس الشهير "فرويد" والذي ذاع صيته فيما يتعلق بالنظريات النفسية وتأثيرات المحيط الخارجي عليها، لديه أخطاء لا تغتفر، حينما قال إن ما يحكم الإنسان اللاوعي، وأن ما يحكم اللاوعي هي ظلمات داخل النفس وسببها هي الجنس، منكراً وجود إله هنا يكون قد سقط في المحظور، ولم يكن لاعب منتخب الأرجنتين السابق "ماردونا" ببعيد فعلى الرغم من موهبته الفذة، والذي لا يقارن بأي لاعب في عصره بأي حال من الأحوال، فتجد أنه مدمن للكوكايين والمخدرات، علاوة على أنه أنجب طفلاً بدون زواج. الخلاصة هو أن الغرب له ما له وعليه ما عليه، ولا يمكن اعتباره قدوة في كل شيء، وإنما نأخذ منه المفيد ونترك له، أخلاقه وتوجهاته التي في بعض الأحيان تحيد عن الحق، فالانبهار يؤدي إلى الانصهار والنتيجة هي الاندثار وتنتهى نهائياً. وأختم بمقولة الشاعر الكبير مصطفى صادق الرافعي: إن بعض الحق في الباطل لا يجعل من الباطل حقاً. * مستشار في مركز الدراسات العربية الروسية