حققت شركات الأسمنت المدرجة في السوق السعودية أرباحاً مرحلية عن فترة التسعة أشهر الأولى من العام الجاري نحو 2011 مليون ريال مقارنة مع أرباح 2469 مليون ريال عن الفترة المماثلة من العام السابق، بنسبة تراجع تجاوزت 18 %، على الرغم من ارتفاع مبيعات الأسمنت عن فترة التسعة أشهر التي سجلت نحو 38 ألف طن مقارنة مع 36 ألف طن إجمالي مبيعات عام 2020، وبتفصيل الأرقام الربعية خلال هذا العام نستطيع الوصول إلى أسباب انخفاض أرباح شركات الأسمنت، في الربع الأول نمت مبيعات الأسمنت بنحو 3 % مقارنة مع الربع الأخير من العام السابق، وحققت الشركات نمواً بالأرباح بنحو 8 % في الربع الثاني تراجعت مبيعات الأسمنت 14 % مقارنة مع الربع الأول قابلها تراجع في الأرباح بنحو 28 %، أما في الربع الثالث فقد تراجعت مبيعات الأسمنت 9 % مقارنة مع الربع الثاني، ولكن تراجع الأرباح تجاوز نسبة 26 %، هذه المقارنات الربعية كشفت لنا أسباب تراجع الأرباح، السبب الأول: هو انخفاض مبيعات الأسمنت خلال الربعين الثاني والثالث على الرغم من نموها في الربع الأول مقارنة مع الربع الأخير من عام 2020، ومن أجل المحافظة على الحصة السوقية تلجأ الشركات إلى خفض الأسعار من أجل حماية مبيعاتها، السبب الثاني: تكاليف الإنتاج، وكما هو معلوم أن نصف تكاليف إنتاج الأسمنت تأتي من الطاقة التي تستخدم في تشغيل الأفران لاستخراج مادة الكلنكر، وهذه التكاليف تقريباً ثابتة؛ لأن شركات الأسمنت لا تستطيع إيقاف الأفران عند تراجع المبيعات، ولذلك نجد أن هنالك علاقة عكسية بين المبيعات وتكاليف الإنتاج، فكلما زادت المبيعات انخفضت نسبة تكلفة الإنتاج وعندما تتراجع المبيعات ترتفع تكلفة الإنتاج، مثال: (لو أنتجت شركة أسمنت مليون طن وتم البيع على سعر 200 ريال للطن تكون الإيرادات 200 مليون ريال، وبالتالي فإن تكلفة الطاقة تكون في حدود 100 مليون بنسبة تكلفة إلى المبيعات 50 %، ولو انخفضت مبيعات الشركة من الأسمنت إلى 800 ألف طن فإن نسبة تكلفة الطاقة إلى المبيعات ترتفع إلى 63 %؛ لأن تكلفة الطاقة ثابتة لا تنخفض مع انخفاض المبيعات ولا ترتفع إذا ارتفعت المبيعات). ولهذا السبب تسعى الشركات لزيادة مبيعاتها من الأسمنت من أجل خفض أثر تكلفة الطاقة على هوامش الربحية، ومع ذلك لا تزال شركات الأسمنت السعودية هي الأقل تكلفة في إنتاج الأسمنت على مستوى العالم، حيث أن أسعار الوقود رغم رفعها في عام 2016 ما زالت هي الأقل بدعم حكومي كبير يجعلها الأفضل تنافسية في العالم ويعطيها هوامش أرباح تمكنها من التصدير، ورغم تراجع أرباح الشركات للأسباب التي ذكرنها إلا أن توزيعاتها النقدية مستمرة رغم الظروف الاقتصادية التي تمر على العالم، ولو أجرينا بعض المقارنات بشركات عالمية لوجدنا أن توزيعات شركات الأسمنت السعودية لا تزال في الطليعة. مكرر الربحية لقطاع الأسمنت في حدود 19 مرة، وهو أقل من مكرر السوق الذي يتجاوز 25 مرة، والمستقبل واعد لشركات الأسمنت خلال السنوات المقبلة مع زيادة الإنفاق على المشروعات سواء الإنفاق الحكومي أو الإنفاق عن طريق صندوق الاستثمارات العامة على المشروعات العملاقة نيوم والقدية والبحر الأحمر وجدة داون تاون، وكذلك مشروعات شركة روشن العقارية التي تستهدف أكثر من مدينة لغرض إنشاء أحياء جديدة نموذجية تلبي احتياجات السوق العقارية، ولوحظ نمو مبيعات الأسمنت خلال التسعة أشهر الماضية مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وتظهر البيانات أن مبيعات الأسمنت في شهر أكتوبر نمت بنسبة 9 % مقارنة مع شهر سبتمبر الماضي، ما يؤكد التوقعات بأن الطلب سوف يرتفع على الأسمنت خلال السنوات المقبلة وترتفع الأرباح تبعاً لذلك إن سلمت الشركات من حرب الأسعار. التحدي الآخر الذي يواجه شركات الأسمنت هو المخزون العالي من مادة الكلنكر، فعلى الرغم من تراجعه عن الأرقام القياسية التي سجلها في عام 2020م، وأظهرت البيانات أن المخزونات حتى نهاية شهر أكتوبر الماضي بلغت نحو 35 مليون طن منخفضة من 39 مليون طن التي سجلت في الشهر نفسه من العام السابق وخفض مخزونات الكلنكر إما بالتصدير وهو ما تعمل عليه بعض الشركات الآن أو بزيادة مبيعاتها من الأسمنت أو إيقاف بعض خطوط الإنتاج، من شأنها خفض تكاليف الإنتاج.