حقق قطاع الأسمنت خلال العام المنصرم 2020 أفضل أداء له منذ عام 2016 وهذا النمو الجيد تحقق رغم جائحة كورونا، بلغ معدل النمو في صافي أرباح القطاع حوالي 25% مقارنة مع عام 2019 وحققت جميع الشركات نمواً في الأرباح ماعدا شركة أسمنت العربية التي تراجعت أرباحها في حدود 11% وبحسب إفادة الشركة فإن التراجع حدث بسبب زيادة في المصاريف ومخصص الزكاة وكذلك زيادة في تكلفة المبيعات بحوالي 5% على أساس سنوي ومع ذلك تمكنت الشركة من تحقيق نمو في مبيعات الأسمنت المحلية بحوالي 25% وهذا النمو أعلى من متوسط القطاع الذي يقف عند 18% كما أنها نجحت في تصدير 700 ألف طن من مادة الكلنكر، وهذا الأداء الجيد الذي تحقق في المبيعات والتصدير قد تظهر نتائجه الإيجابية على أرباح هذا العام، عموماً القطاع استفاد كثيراً من القروض السكنية وزيادة نشاط التطوير العقاري بالرغم من تباطؤ المشاريع الحكومية، في ميزانية الدولة لهذا العام على الرغم من خفض بند الإنفاق الرأسمالي إلا أن صندوق الاستثمارات العامة سوف ينفق حوالي 150 مليار ريال سنوياً وهذا الإنفاق العالي على المشاريع العملاقة سوف يزيد الطلب على مادة الأسمنت وهذا من شأنه تقليل أثر تكلفة المبيعات على هوامش الربحية حيث أن الجزء الأكبر من تكلفة المبيعات عبارة عن تكاليف الوقود وهي تكاليف ثابتة تقريباً وتؤثر بشكل سلبي على هوامش الربحية عندما تنخفض المبيعات حيث تضطر المصانع إلى إنتاج مادة الكلنكر وتخزينه ولكن عندما تكون المبيعات عالية تحقق شركات الأسمنت ميزتين هوامش ربحية عالية ومخزونات كلنكر منخفضة، الوقود المستخدم في إنتاج الحرارة في أفران حرق المواد الأولية "غاز طبيعي أو زيت خام" ويجب أن لا يتعدى استهلاك الوقود على ثلاثة ملايين وحدة حرارية بريطانية لكل طن أسمنت. إنتاج مادة الأسمنت في عام 2020 كان أعلى من إنتاج مادة الكلنكر لأول مرة منذ عام 2015 حيث استخدمت المصانع مخزونات مادة الكلنكر التي ارتفعت إلى أرقام قياسية في عام 2019 حيث وصلت إلى 40 مليون طن مع انخفاض الطلب على الأسمنت ولكن عام 2020 انخفض المخزون إلى 33 مليون طن وأتوقع أن يستمر انخفاض المخزون خلال السنوات القادمة وقد سجل المخزون أدنى رقم في عام 2012 بحوالي 6 ملايين طن وعندما يكون المخزون منخفضا تنخفض معه تكلفة المبيعات وبالتحديد تكلفة نقل المخزون من مواقع التخزين إلى الطواحين التي تقوم بخلط مادة الكلنكر مع الجبس لتنتج مادة الأسمنت النهائية ومادة الأسمنت صلاحيتها 90 يوماً فقط ولذلك المصانع لا تنتج مادة الأسمنت إلا حسب الاحتياج الفعلي بعكس مادة الكلنكر التي تنتجها وتخزنها لفترات طويلة في الهواء الطلق دون أن تتأثر. مبيعات الأسمنت في الربع الأخير من عام 2020 كانت أعلى مبيعات ربعية منذ 4 سنوات بحوالي 14.5 مليونا ولكن هامش الربحية لم يتجاوز 6.7% مقارنة مع مبيعات الربع الأخير من عام 2019 التي سجلت مبيعات أقل بحوالي 12.7 مليون طن ومع ذلك تجاوز هامش الربحية 7.5% وهذه الأرقام تعطينا مؤشرات إلى أن هنالك عودة لحرب الأسعار بين شركات الأسمنت من أجل الظفر بمبيعات أعلى وهذا قد يقودنا إلى سيناريو عام 2018 الذي شهد أقوى حرب أسعار وعصف بهوامش الربحية إلى أقل من 2% وتسببت تلك الحرب في تسجيل خسائر لعدد 6 شركات قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق غير رسمي بوضع حد أدنى للسعر مما أعاد الشركات للنمو مرة أخرى، المنافسة مهمة بين الشركات ولكن يجب ألا تصل إلى إلحاق الضرر بإيراداتها وبالتالي تؤثر سلباً على المستثمرين. التوزيعات النقدية وهي أهم المحفزات للمستثمرين هي الأعلى في 4 سنوات وبلغت 2,88 مليار ريال ل11 شركة أعلنت عن توزيعاتها حتى الآن وربما ترتفع لو أعلنت الثلاثة شركات المتبقية، الأرقام المعلنة حتى الآن للتوزيعات جيدة في ظل ظروف اقتصادية صعبة وتمثل 86% من الأرباح المجمعة للقطاع وهو ما يميز شركات الأسمنت عن غيرها من شركات السوق حيث إنها تستطيع توزيع معظم أرباحها كل سنة دون أن تتأثر عملياتها التشغيلية. في عام 2020 لجأت بعض شركات الأسمنت إلى خفض رؤوس أموالها لأن بعض رؤوس أموال الشركات أعلى من حاجتها الفعلية وخصوصاً إذا لم يكن هنالك خطط توسعية في المنظور القريب، خفض رأس مال الشركة ينتج عنه خفض في مصاريف الزكاة وهذا سبب منطقي لخفض رؤوس الأموال من أجل زيادة الربحية. حسين بن حمد الرقيب