تفتخر الدول بإنجازاتها، بل إنها تضع قدراً وتبجيلاً لمن يصنعون الإنجازات من أبنائها ومؤسساتها.. لذا يعمل كل بلد لكي يكون في موقع الأفضل حيث بقدر الإنجاز والمجد يكون الارتقاء والرقي.. وهنا لن نبخس أي مجال حقه في بث السعادة حتى لو كان فعلاً شخصياً محضاً، وحين يتفوق فيه من ينتمي إليك وطناً فبلا شك أنها أفضلية تشعر بها لتبث في أوصالك سعادةً وحبوراً. الإحساس بالمشاعر المتدفقة سعادة تجاه الوطن ليست مجرد كلمات نلقيها جزافاً بل هي أخلاقيات متجذرة عميقة تسيطر على الدم والقلب، لذا فمن الطبيعي أن تهتز مشاعرك حين إنجاز كل من ينتمي لك أرضاً أو حتى قرية صغيرة فما بالك بوطن متكامل.. وحق لنا أن نسأل عن ما الذي نشعر به حين يُعزف النشيد الوطني السعودي إعلاناً عن الإنجاز والتفوق على الآخرين.. هناك رعشة فرح مغلفة بالفخر تدب في الأوصال لا يدركها إلا المعنيون بالتفوق. المجال الرياضي هو أحد أهم المجالات التي تفعل ذلك لذا تتسابق الدول على صناعة الأبطال الذين يكافحون لكي يضعوا بلادهم في المقدمة، ولن نوغل في استعراض النماذج لأنها كثيرة وكبيرة.. ففي كرة القدم هناك الأبطال الفرديون كما هم بيليه ومارادونا وميسي وكريستيانو، والمؤسسات كما هو بايرن ميونخ كفخر لألمانيا بإنجازاته وليفربول على شاكلته في إنجلترا ويدور في فلكهم كثير من الأندية لبلدانهم. لنتذكر عن ماذا فعل بنا هادي صوعان ومن بعده طارق حامدي وقبلهم نجوم الفروسية وهم يعتلون منصة التفوق في الأولمبياد.. لنسأل أيضاً عن ما الذي غرسه في مشاعرنا وأفاضه فوز يزيد الراجحي هذا الأسبوع بتتويجه بلقب كأس العالم للراليات.. كان فوزاً عظيماً جعلنا فخورين متحمسين نتطلع لإنجازات أكبر يزيدنا ثقة أننا لم نعد مشاركين فقط، بل صانعين للحدث بفضل ما أسبغ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- على الرياضة من دعم وتطوير ومساندة، وأيضاً تكريم عظيم لكل من يحقق إنجازاً للوطن. عربياً لا شك أن هناك من نفخر بهم نظير ما قدموا لبلدانهم سواء إنجازات أو أفضليات ولن نبتعد عن الأهلي المصري كأنموذج للأفضلية المصرية أفريقياً والترجي التونسي كذلك من بعده، وفي بلادنا السعودية لا شك أن للهلال القيمة والفخر الأكبر كمنظومة كروية كبرى حققت أكبر الإنجازات لبلادها على المستويين القاري والعربي، وحتى المحلي.. لذا فنصيبه من الفخر والافتخار به يجعله متميزاً، بل ويبتعد بما حققه كثيراً عن أقرب منافسيه من جالبي السعادة لأنصارهم ولما تريده بلادهم. المهم في القول إن البلدان المحظوظة هي من تصنع إنجازاتها بفضل ذكاء وموهبة أبنائها، هي في فعلها هذا لا تركن لفعل واحد يحققه الإنجاز بل تنتشي بفرحة مجتمعية، تزيد من هرمونات السعادة لدى شعوبها، غير أنها ترفع وتيرة الرقي والارتقاء وجودة الحياة.