في أزمة كورونا اكتشف غالبية المجتمعات أن صلتهم الأسرية وعلاقاتهم المباشرة تفككت بشكل كبير وكانت الأزمة ضارة نافعة وحدت صفوف بعض العلاقات من جديد، ولوجود وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلتنا أقرب للجماهير افتراضياً في جميع أنحاء العالم مازلنا متواصلين إلكترونياً رغم الحجر المنزلي، وبعد أن تعطلت تلك الوسائل اكتشفنا أننا لا نملك من الترابط المباشر إلا القليل فقط، توقفت الحياة واختلفت زوايا الرؤية واشتعلت النفسيات، وأصبح الواحد منهم يتخبط بنفسه بسبب الملل رغم أنه الآن قادر على الخروج بعد زوال تلك الأزمة، هنا تتضارب الأحداث، حتى إن الإنسان أصبحت تشكله الأزمات بطريقة أو بأخرى، فرغم أن كورونا قربت الوثاق العائلي المباشر إلا أنها ساعدت على تقوية الوثاق الإلكتروني الاجتماعي أيضاً، فباتت وسائل التواصل الاجتماعي مهمة جداً ليس فقط على المحيط الاجتماعي بل وحتى على المستوى المهني والعملي في ذات الوقت، فأصبحت الكثير من الأعمال تُدار من خلال الكثير من التطبيقات والبرامج الافتراضية بدلاً من اللقاء المباشر، باعتقادي أن أحد الأسباب التي يرجع تعلق البشر بالعالم الافتراضي بالشكل الكبير عطفاً على أنها التقنية التي سهلت الكثير من المهام التي كانت سابقاً تأخذ الكثير من الجهد والوقت، هو أنهم وجدوا الإشباع الذي لم يستطيعوا إجاده بالمحيط القريب، فكان هذا العالم هو اللقاء الروحي مع الأشخاص الذين يتوافقون معهم فكرياً ونفسياً بكثير من الأوقات، البحث عن أشباهنا لا يشكل خطراً كبيراً إطلاقاً، ولكن يكمن الخطر في أننا لم نعد نرغب بالتواصل المباشر لأننا لم نلتق أي شخص نجد فيه روحنا الشبيهة، وهذا ما قد يجعل التفكك المباشر يزيد مع مرور السنوات، كما أن البعض أصبح غير قادر على المخاطبة والتحدث بشكل واضح أمام الجميع؛ لأنه لم يعتد على ذلك، لذلك أعود إلى نقطة البداية أن تفكك المجتمعات وارتباطها مرض عضال من قديم الأزل، ولكن تختلف الحدة كلما تراكمت علينا السنوات وتطورت وسائل التواصل. 1