أحبوا سعوديتكم، اعشقوا تراب أرضها، دافعوا عن أمانها، وصموا الآذان عن حُسادها، كونوا الأقوى في أرواحكم، وأجسادكم، وطهروا أفكاركم حتى تكونوا سدًا منيعًا ضد من يحاول زعزعة أركانها، وهدم ممتلكاتها، فأحبوها بأرواحكم، وضحوا بكل ما تملكون لرفعة وطنكم، فبحبكم هي ستسود وستنتصر؛ فالوطن حياة، والحياة وطن. الوطن وما أدراكم ما الوطن؟ سلوا عنه من دُمرت أوطانهم، ويُتم أطفالهم، ورُملت نساؤهم، وتبعثرت حياتهم، وساءت أحوالهم، ورحلت طيور أمانيهم لقبورها، وتقبلوا العزاء فيها. سلوا عنه من حرموا الأمن والأمان والطعام، والكساء، والدواء. سلوا عنه من فقدوا التعليم، وأرهقهم التفكير، وأبكتهم لقمة العيش، وأرعبتهم أصوات الرشاشات، والمدافع، والقنابل.. سلوا عنه من يبكون على أوطانهم، سلوا عنه من يسهرون من الخوف ولا ينامون، سلوا عنه تلك الأنثى التي تبكي ليلًا ونهارًا، طفلها الجائع الذي يحتضر أمام عينيها، وزوجها الذي غادر عشها هائماً باحثًا عن خبز وحليب لطفله الرضيع، فلا يجده فيعود لها منكسرًا حزيناً، يحترق كالفتيل ويصبح عليلاً وتنتهي قصته مع الكفاح، ويبقى عاجزًا مكتوف الأيدي وسط الرياح، ويلاحقه الألم ليخبره: يا إنسان ما دمت بلا وطن فأنت من يدفع الثمن! الوطن وما أدراك ما الوطن؟ سلوا عنه تلك الصغيرة ذات الضفيرة التي تحلم باللعب مع الصغار فلا تستطيع خائفة من القذيفة. سلوا عن الوطن ذاك الشاب الذي يحلم بالوظيفة. سلوا عن الوطن تلك العجوز التي تجاعيد السنين وشمت وجهها ويديها وهي تكفكف الدمع المراق، وتتلوى من الجوع والفراق. سلوا عن الوطن الكهل والمسكين ومن أنهكه المرض، وأبكته الحاجة وأضناه التعب. سلوا عن الوطن من فقدوا آباءهم وأمهاتهم وأولادهم وإخوانهم وجيرانهم في المعارك والحروب، وسكنت أرواحهم الندوب، وتغشتهم الكآبة والهموم. سلوا عن الوطن من يتمنون السير في أمان، ويطمحون للتحضر ومواكبة العولمة. سلوا عن الوطن من عاش في وطنٍ غير وطنه، فنامت في مهدها أحلامه، وتجرعت من ويلات الغربة أيامه، متألمٌ أينما ارتحل، حزينٌ حينما استقر، فقير مهما اغتنى، وحيدٌ مهما اعتلى. الوطن وما أدراكم ما الوطن؟ الوطن أمنٌ وأمان، قوةٌ وجمال، سكينةٌ واطمئنان، سعادةٌ وسلام، عزٌ ورخاء، مأوى ومهوى، قصةٌ تبقى، وحكايةٌ تروى. تحت سمائه الظل والمن والسلوى، وعلى أرضه الخير والمأوى، فالفرص متاحة، والخيرات منسابة، والأسر متحدة، السعودية حلمٌ ويقين، آمنة بدعوة إبراهيم الخليل، موحدةٌ ليوم الدين، عروسٌ تفتخر بتوحيدها، وتعتزُ بوحدتها، وتتجملُ برجالها ونسائها، وتتعطرُ برؤيتها وأهدافها ومنجزاتها. في يومك الوطني الواحد والتسعين يا سعوديتنا؛ حلّقي للقمم، فنجاحاتك مشرقة في الأمم، نستودع الله عقيدتك وثباتك وأمانك وكل أركانك، وشعبك وولاتك، نستودع الله ولاءنا لك وولاءك لنا، وكل عام وأنت في قلوب شعبك ومحبيك. أدام الله عزك وأمانك، ووقاك وكفاك شر أعدائك.. وكل يوم وطني وأنت بخير يا وطني؛ فأنت الحياة وحياتنا أنت يا وطن. د. حياة الهندي