غادرت جميع القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي أكبر قاعدة جوية في أفغانستان، حسبما أكد مسؤولون الجمعة، في مؤشر إلى أن الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من هذا البلد بعد حرب متواصلة منذ عقدين، بات وشيكا. وشكلت قاعدة باغرام مركزا أساسيا للعمليات الأميركية الاستراتيجية في أفغانستان، إذ انطلقت منها الحرب الطويلة على حركة طالبان وتنظيم القاعدة المتحالف معها في 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر. وكتب المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية فؤاد أمان على تويتر «انسحبت القوات الأميركية وقوات التحالف بالكامل من القاعدة وبالتالي ستقوم قوات الجيش الأفغاني بحمايتها واستخدامها لمحاربة الإرهاب». وأكد مسؤول أميركي في مجال الدفاع مغادرة القوات، فيما عبرت طالبان عن ترحيبها وتأييدها لعملية الانسحاب الأخيرة للعسكريين. وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد لوكالة فرانس برس «سيمهد انسحابها الكامل الطريق أمام الأفغان ليقرروا مستقبلهم في ما بينهم». وبات الجيش الأميركي والحلف الأطلسي في المراحل الأخيرة للانسحاب من أفغانستان بعد تدخل استمر عشرين عاما في البلاد. ويفترض أن ينجز الانسحاب في 11 سبتمبر المقبل. وشنت حركة طالبان هجمات متواصلة في أنحاء أفغانستان في الشهرين الأخيرين وسيطرت على عشرات الأقاليم فيما عززت قوات الأمن لأفغانية سيطرتها في محيط المدن الرئيسة. وستشكل قدرة القوات الأفغانية على المحافظة على سيطرتها في قاعدة باغرام الجوية مسألة محورية في ضمان أمن كابول المجاورة ومواصلة الضغط على حركة طالبان. وقال الخبير في شؤون أفغانستان نيشانك موتواني ومقره في أستراليا، إن خروج القوات الأجنبية من قاعدة باغرام «يرمز إلى أن أفغانستان وحيدة وتركت للدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم طالبان». وأضاف «بعد وصولهم إلى بلادهم، سيراقب الأميركيون وقوات التحالف ما حاربوا بشدة لبنائه على مدى 20 عاما وهو يحترق من بعيد، ويعرفون أن الرجال والنساء الأفغان الذين حاربوا معهم يخاطرون بفقدان كل شيء». انعدام أمن شديد تقول تقارير وسائل إعلام أن البنتاغون سيبقي قرابة 600 عسكري في أفغانستان لحراسة مجمع السفارة الكبير في كابول. وقال عدد من أهالي باغرام إن الأمن سيتدهور مع مغادرة القوات الأجنبية. وقال مطيع الله وهو صاحب محل أحذية في سوق باغرام لوكالة فرانس برس إن «الوضع فوضوي أساسا... وهناك انعدام أمن شديد والحكومة ليس لديها أسلحة ومعدات (كافية)». ورأى فضل كريم وهو ميكانيكي دراجات «منذ أن بدؤوا الانسحاب، ساء الوضع. ليس هناك عمل... لا أشغال». على مر السنوات استقبلت القاعدة مئات آلاف العسكريين الأميركيين ومن حلف الأطلسي ومقاولين. في مرحلة ما، كانت تضم أحواض سباحة وصالات سينما ومنتجعات بل حتى محلات للمأكولات السريعة مثل برغر كينغ وبيتزا هات. كذلك، كانت تضم سجنا احتجز فيه آلاف المتطرفين وعناصر من طالبان. شيّدت الولاياتالمتحدة القاعدة لحليفتها أفغانستان خلال الحرب الباردة في خمسينات القرن الماضي، كحصن منيع بوجه الاتحاد السوفياتي في الشمال. وللمفارقة أصبحت مركز انطلاق الغزو السوفياتي للبلاد في 1979، وقام الجيش الأحمر بتوسيعها بشكل كبير خلال احتلاله الذي استمر قرابة عقد من الزمن. عندما انسحبت موسكو، أصبحت باغرام أساسية في الحرب الأهلية الطاحنة، وذكرت تقارير أنه في مرحلة ما كانت طالبان تسيطر على جزء من المدرج الممتد ثلاثة كيلومترات، فيما كان ائتلاف الشمال المعارض يسيطر على الجزء الآخر. في الأشهر القليلة الماضية تعرضت باغرام لرشقات صاروخية تبناها تنظيم داعش، ما أجج مخاوف من أن يكون المتشددون يفكرون في استهدافها في المستقبل. حتى مايو 2021 كان ينتشر في افغانستان قرابة 9500 جندي أجنبي، يمثل العسكريون الأميركيون أكبر كتيبة بينهم مع 2500 عنصر. وأكدت ألمانيا وإيطاليا استكمال سحب جنودهما.