يسعى التواصل المؤسسي في الشركات الكبرى التي تعمل وفق مناهج احترافية إلى تحقيق الكثير من الأهداف، إلا أن من أبرز هذه الأهداف وأكثرها قيمة من وجهة نظري، هو سعي التواصل المؤسسي للترويج للنشاط الذي تقوم به الشركة، والعمل على قبوله اجتماعياً. قد يبدو مصطلح القبول الاجتماعي غامضاً بعض الشيء، ولكن يمكن تبسيطه بالقول إنه السعي لجعل المستهدفين أكثر اهتماماً ووعياً بالمنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة، وأكثر قدرة على التعامل معها والنظر لها بوصفها خدمة ذات قيمة، هناك قصة معبرة يمكن أن توضح كيف يمكن للتواصل المؤسسي الناجح أن يخلق قبولاً جماهيرياً للمنتج، ويساعد على انتشاره ومن ثم تحقيق النجاح المرجو. أراد شاب ذات مرة إنشاء مشروع خاص، كان مهندساً زراعياً، ويعشق شرب الشاي، لذا فكر في زراعة نوع مميز من الشاي وبيعه في مقاطعات دولته، إلا أنه كان يواجه عقبة كبرى، وهي أن دولته مشهورة بنوع من الشاي كان ينظر له وكأنه تراث ثقافي، لذا فإن خروج شخص ما والترويج لنوع آخر من الشاي لم يكن أمراً مقبولاً لدى كثيرين من المستهدفين. إلا أن الشاب لم ييأس، وقرر أن يطبق بعض معايير التواصل المؤسسي الناجح، ويمزج ذلك بفكرة ترويجية مبتكرة، فبعدما نجح في زراعة نوع مميز من الشاي وبدأ في عمليات التغليف، توجه إلى مدينة صغيرة ووضع بها صندوقاً زجاجياً مليئاً بعبوات الشاي الذي أنتجه، وترك الصندوق مفتوحاً مع إشارة تطالب من يأخذ عبوة شاي بأن يضع ثمنها في الصندوق. بالطبع لم يلتزم كل من أخذ عبوة بوضع ثمنها، وبعدما فرغ الصندوق، جاء الشاب وأحصى المبلغ الذي وجده قياساً على أعداد عبوات الشاي، فوجد أن المبلغ يعادل قرابة 50 % من ثمن الشاي الإجمالي، فنشر في صحيفة محلية صغيرة خبراً مفاده أن سكان هذه المدينة أمناء بنسبة 50 % طبقاً لتجربة اجتماعية أجراها عبر الشاي الذي ينتجه، ثم توجه لإجراء التجربة في مدينة أخرى. سريعاً بدأ الناس يسمعون عن هذه التجربة وعن شركة الشاي الجديدة، وبدؤوا يتتبعون أخبار التجارب ليعرفوا إن كانت مدينتهم أكثر أمانة من غيرها، ونتيجة هذا الاهتمام بدأت كبريات الصحف في دولته في متابعة تجربته والكتابة عن شركته، محققاً دعاية ضخمة شبه مجانية، مما ساعد على قبول الناس لمنتجه الجديد والسماح له ليزاحم منتجهم التاريخي. هكذا، نجحت فكرة واحدة قائمة على تواصل مؤسسي ناجح، في أن تقضي على عقبة كان يبدو أنه لا يمكن تخطيها، وهو ما يدفعنا للقول إن الاستغلال الصحيح لاستراتيجيات التواصل المؤسسي هو أشبه بعصاً سحرية تضمن لك النجاح، فقط.. فكر خارج الصندوق.