يمثل قطاع النقل 24% من انبعاثات الغازات الدفيئة على الصعيد العالمي، ويعتبر النقل البري الوسيلة الأكثر استخداما نظرا لما يقدمه من راحة، إلا أنه يعد الوسيلة الأكثر كثافة للانبعاثات، إذ يمثل نحو 75% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية الناتجة عن حركة النقل، حيث تأتي النسبة مع ما يقرب من 44% من الانبعاثات من مركبات نقل الركاب على الطرق فقط. جاء ذلك في تحليل لأسواق المركبات الكهربائية الرئيسة لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» التي صدرت في يونيو المنصرم بعنوان «ما مدى فعالية تكلفة الإعانات المالية المخصصة لدعم المركبات الكهربائية في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من العادم؟» تتمثل إحدى الطرق التي يمكن بها خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من مركبات الركاب في نشر تقنيات خفض انبعاثات العوادم أو القضاء عليها بما فيها المركبات الكهربائية التي يمكن شحنها والمركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين. أيضاً تمثل السياسات المالية من جانب الطلب إحدى أدوات السياسة الأكثر شيوعا الرامية إلى تعزيز نشر المركبات الكهربائية، هذا رغم أن الأدلة المبكرة من أسواق المركبات الخفيفة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا تشير إلى أن الترويج لنشر هذه المركبات الكهربائية من خلال الإعانات المالية يعد أمرا مكلفا. وتستكشف هذه الدراسة مدى تطور انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتجنبة من عوادم السيارات، بالإضافة إلى تكلفة الإعانة لكل طن من ثاني أكسيد الكربون الذي تم تفاديه من العوادم في الأسواق الرئيسة للمركبات الكهربائية خلال الفترة الزمنية من عام 2010 إلى عام 2017، غير أن الدراسة تركز تحديدا على الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية وتسع دول أوروبية تعتبر الدول الرائدة حاليا في سوق السيارات الكهربائية، من أجل تحديد التطور المكاني والزماني لتأثير الإعانات المالية وفعاليتها من حيث التكلفة. إن تأثير إعانات دعم المركبات الكهربائية على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من العوادم لا يعتمد على عدد المركبات الكهربائية المبيعة فحسب، وإنما يتوقف على مدى حلولها محل السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي. وتستخدم الدراسة نسخة مفصلة ومعدلة من النهج الافتراضي التقليدي لتقدير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من عوادم أسطول المركبات المستبدل في ظل غياب الإعانات المالية حيث يفترض أن يقوم مشترو المركبات الكهربائية، في ظل غياب الإعانات المالية، بشراء المركبات ذات المحركات التي تعمل بالاحتراق الداخلي والتي لها نفس هيكل المركبة الكهربائية. تجدر الإشارة إلى أن البحوث السابقة المشتملة على فرضيات قائمة على نموذج الاختيار تشير إلى أن هذه المركبات الكهربائية تحل محل المركبات ذات الكفاءة العالية وبالتالي، فإن مدى انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من أنابيب العوادم والذي توصل إليه النهج الافتراضي التقليدي يمثل تقديرا متفائلا، وعليه «فإن تقديراتنا» لتكلفة الطن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتجنبة من العوادم تكون واقعة على الجانب الأقل. بينما تعتمد فعالية إعانات المركبات الكهربائية على مدى تجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكوبون من العادم ومرونة الحصة السوقية للمركبات الكهربائية فيما يتعلق بإعاناتها، «وتوصلنا» إلى أن إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من العوادم والتي تم تجنبها من خلال اعتماد المركبات الكهربائية في هذه الدول الإحدى عشرة بلغ في عام 2017 ما مقداره 5.63 ملايين طن (0.51 ٪ بالقيم النسبية). «وقدرنا» أيضا النسبة المئوية السنوية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتجنبة من عوادم أسطول المركبات الجديدة لكل بلد نتيجة اعتماده للمركبات الكهربائية، وتشير النتائج التي «توصلنا» إليها إلى أن النسبة المئوية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من العوادم التي تم تجنبها عبر إحلال المركبات الكهربائية متفاوتة خطياً مع الحصة السوقية لها. كذلك وجد بناء على التكاليف التي تم تجنبها وتكاليف الإعانات، أنه يمكن للتقدير المتحفظ لتكلفة كل طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتجنبة من العوادم أن يصل إلى 1.600 دولار أمريكي على أساس تعادل القوة الشرائية في عام 2010 وبالدولار الأمريكي. وبالنظر إلى التباين بين مختلف الدول، نجد أن تكلفة الطن تختلف خطيا مع الإعانة المقدمة فيها كنسبة مئوية من سعر المركبة للمركبات الكهربائية، مع ارتفاع تكلفة الطن في الصين، تليها الدنمارك والنرويج. من جانب آخر، تعتبر تكلفة السياسة أكبر من التكلفة الاجتماعية للكربون، بل تصبح التكلفة المقدرة للطن الواحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتجنبة من عوادم المركبات أكثر ارتفاعا إن أخذ بالاعتبار الحجم الحقيقي والفعلي لمبيعات المركبات الكهربائية الناتجة عن الإعانات المالية لها، أي مرونة الحصة السوقية للمركبات الكهربائية فيما يتعلق بإعاناتها. تستدعي التكلفة العالية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من العوادم، من خلال سياسات الإعانات المالية للمركبات الكهربائية، إجراء البحوث وإعداد تصاميم مبتكرة للإعانات المالية لتحسين فعالية التكلفة. كما يمكن دمج تصاميم الإعانات المالية المستهدفة والمبتكرة في حزم التحفيز الاقتصادي المخصصة لمواجهة جائحة كوفيد-19 والتي تتبناها العديد من الحكومات. بينما تمثل التصاميم المستهدفة القائمة إما على دخل المستهلك أو سعر المركبة بدائل لا تتسم بفعاليتها من حيث التكلفة وإمكانية تطبيقها، كما أشار إليها بحث حديث.