في المقال السابق تحدثت عن مهمتنا كمواطنين سعوديين ودورنا كمساهمين وشركاء في تعزيز ثقافة الوعي بالملكية الفكرية، والآن سوف أتحدث عن جهودٍ خلف الستار وعطاءٍ لا مشروط. مما لا شك فيه أن الهيئة السعودية للملكية الفكرية تسعى في ظل التطورات والنمو الزاهر إلى تقديم الحماية والمساهمة في رفع التوعية اللازمة في كافة أوجه مجالات الملكية الفكرية وتمكين أصحاب الحقوق من الاستفادة من حقوقهم قدر الإمكان لتحقيق أفضل العوائد الملموسة وغير الملموسة على حدٍ سواء؛ وبهذه المناسبة أود تسليط الضوء على (خدمة العيادات الاستشارية للملكية الفكرية) والتي تعتبر مجانية الالتحاق وتُعنى بتقديم المشورة والإرشاد بمختلف أنواع الخدمات الاستشارية والقانونية والفنية وذلك في مختلف أشكال ومجالات الملكية الفكرية سواء كان ذلك من علامات تجارية أو براءات الاختراع أو نماذج صناعية أو حقوق المؤلف أو حتى استفسارات عامة تتعلق بالملكية الفكرية على وجه العموم؛ وذلك من خلال تحديد تفاصيل الاستشارة سواء كان ذلك بغرض التشخيص الأولي أو التسجيل الوطني أو الاقليمي أو الحماية من التعديات أو إعداد الطلب وقريبًا سوف يتم فتح خدمة البحث المبدئي عن حالة التقنية السابقة PRIOR ART"" والتي على ضوئها يُحكم على الاختراع ما إذا كان بالإمكان أن يمنح براءة كاختراع جديد وغير بديهي أم لا، وهي خطوة مهمة وحاسمة بالنسبة للمخترعين. أما بالنسبة للخدمة الأخرى والتي تعرف بالتسجيل الاختياري فهي تقتصر حاليًا على تسجيل تطبيقات وبرمجيات الحاسب الآلي والتصاميم المعمارية تحت مظلة خدمات حقوق المؤلف، والتي تستغرق قرابة الأسبوع وتستهدف الأفراد والمؤسسات بشكل عام وتكون عبر عدة مراحل متسلسلة تنتهي بشهادة إثبات حق؛ هذا وقد أوضحت الهيئة رسوم الفحص والتسجيل لهذه الخدمة لكل فئة على حدة، عبر دليل الخدمات على الموقع الالكتروني للهيئة وعلى أمل بتوسيع مجالات خدمة التسجيل الاختياري بمشيئة الله مستقبلاً. هذا وقد أطلقت الهيئة مؤخرًا ندوة عامة تحت عنوان (انتهاكات الملكية الفكرية جهل أم تعمد؟) وذلك باستضافة نخبة من الخبراء والمتخصصين والمسؤولين على جهاز الهيئة، فالجهل IGNORANCE""هو انعدام المعرفة أو الوعي أو الإلمام؛ وكما نعلم بمبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون والذي يفضي إلى أنه ما إن تم نشر التشريع بالجريدة الرسمية ودخل حيز التنفيذ فإنها تقوم قرينة قانونية على علم الأفراد المخاطبين به، بينما التعمد والتعدي "INFRINGEMENT" في الملكية الفكرية هو الاعتداء على أحد حقوق الفكرية، كالتعدي على علامة تجارية من استخدام غير مصرح به أو تقليد علامة تجارية مملوكة للغير بغرض تضليل أو خداع الآخرين؛ كذلك التعدي على براءة الاختراع ويشمل ذلك صنع أو بيع أو العرض للبيع أو استيراد منتجات محمية ببراءة اختراع دون أخذ الإذن من صاحبها، أو حتى التعدي على حقوق النشر كالتوزيع أو الاستنساخ أو الأداء أو العرض في أماكن عامة لعمل محمي بحقوق النشر لشخص ما وغيرها من التعديات الأخرى. ولتقريب النظرة أكثر ذكر الأستاذ ياسر الدباسي - المدير التنفيذي لاحترام الملكية الفكرية في الهيئة -: فيما يتعلق بمشاهدة الأفلام والمسلسلات عبر المواقع المقرصنة وعن تأثيرها المتعدي على اقتصاد المملكة؛ ومما لا شك فيه أن قطاع السينما له عائد على البلد من خلال استثمار العقارات والسلك الوظيفي وغيرها من الأمور الأخرى، فالممارسات الخاطئة في اللجوء لمثل هذه المواقع والتي تعرض الأفلام مجانًا؛ لها أبعاد وتبعات سلبية فضلاً عن رداءة الجودة مثل: فقدان المركز الوظيفي والخسارة المالية التي تلحق هذا القطاع بسبب العزوف عنه وبالتالي التأثير على الاقتصاد بشكل عام. وفي أخبار مستبشرة ذكر الأستاذ ياسر الدباسي أنه سوف يتم إطلاق تطبيق خاص لإقامة البلاغات المتعلقة بانتهاكات الملكية الفكرية في شتى مجالاتها في المستقبل القريب بإذن الله. ختامًا أشار الرئيس التنفيذي للهيئة الدكتور عبدالعزيز السويلم بقوله: "نحن نريد أن نوقف التعمد ونقلل الجهل"، ومن هذا المنطلق ولأن اليد الواحدة لا تصفق، حري بنا أن نكون شركاء في نشر التوعية وإقامة البلاغات أنا وأنت ونحن لها.. معًا لمستقبلٍ يُرى فيروى.