كثير من الناس يجهلون أهمية الملكية الفكرية، ويعود ذلك إلى أن الناس تعودوا أن الملكية المادية هي الأساس في تقييم ما يملكون. والحقوق الفكرية لا تقل أهمية عن الحقوق الإنسانية الأخرى، بل ربما تزيد عليها. فالملكية الفكرية هي كل ما تنتجه العقول من أفكار، تتمثل في الاختراعات أو الإبداعات المختلفة، مثل: المصنفات الأدبية والفنية، والرموز، والأسماء، والصور، والنماذج، والرسوم الصناعية، وغيرها. وتشمل حقوق الملكية الفكرية الحفاظ على كل ما يمس هذه الحقوق، وحمايتها من أي اعتداء، وتقنين استعمالها. ولعل مما يدخل في أهمية الملكية الفكرية أنها تقوم على تشجيع العقول والمواهب المتميزة، ودفعها إلى الإبداع والابتكار؛ حيث إنها تضمن حقوق المبدعين والمبتكرين كاملة، وتقدير جهودهم في تقدم الوطن، وتعود بالخير على شعوبهم. وتعد براءة الاختراع من أهم حقوق الملكية الفكرية، وهي امتياز وحق خاص يمنح للمخترع رسميا لمدة زمنية محددة (20 عاما) مقابل سماحه للآخرين بالاطلاع على اختراعه. وتأتي أهمية براءة الاختراع في منع الآخرين من صناعة أو استخدام أو بيع أو عرض الاختراع من دون الحصول على موافقة من صاحب براءة الاختراع، أو شراء حقوق الاختراع منه، ما يعود عليه بعائد مادي. وتتضمن حقوق الملكية الفكرية العلامات التجارية والبيانات الجغرافية والرسوم والنماذج الصناعية، إضافة إلى حقوق المؤلف، التي تشمل المصنفات الأدبية والفنية، سواء كانت مسرحيات، أو روايات، أو لوحات ورسوم، وتصميمات هندسية، وغير ذلك. ونظرا لأهمية الملكية الفكرية فقد انضمت المملكة إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) كعضو عام 1402. وفي عام 2017 أنشئت الهيئة السعودية للملكية الفكرية بناء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد. ويرأس مجلس الإدارة للهيئة وزير التجارة والاستثمار، وتضم في عضويتها ممثلين من عدد من الجهات الحكومية. إن إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية - كما يقول الدكتور ماجد القصبي - سيسهم في رفع مستوى العائد الاقتصادي للمملكة، وتسهيل تسجيل حقوق الملكية الفكرية، والتشجيع على الابتكار وفقا لرؤية المملكة 2030. ولعل من أهم مهمات الهيئة تسجيل حقوق الملكية الفكرية، وإتاحتها للجمهور، والتوعية بأهميتها، وحماية حقوقها، إضافة إلى المهمات التالية: تمثيل المملكة في المنظمات الدولية والإقليمية ذات العلاقة بحقوق الملكية الفكرية، والدفاع عن مصالحها، وإبداء الرأي في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وتعزيز الاستفادة من الملكية الفكرية في بناء اقتصاد متقدم قائم على المعرفة، إضافة إلى إنشاء قواعد المعلومات في مجال عمل الهيئة، وتبادل المعلومات مع الجهات المحلية والإقليمية والعالمية. وفي اعتقادي أن إنشاء الهيئة هو رمز واضح لترسيخ أهمية الحقوق الفكرية في المملكة، وهو الطريق إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 في تشجيع اقتصاد المعرفة والابتكار لمرحلة ما بعد النفط.