يختلف الناس في تعريف الفرق بين الفرح والسعادة، يمكن اختصار الفرق بينهما في أن الأولى تتعلق باللحظة، والثانية بالرحلة الكلية، كل ما يتم الاستمتاع به بشكل وقتي يمكن وصفه بالفرح، والنتاج النهائي لمجموعة الأفراح وغيرها هي السعادة.. كطريقة العيش وخلافها. تذكرت التداخل بين التعريفين أثناء التفكير بطريقة الحياة الجمعية، التي تركز تقريبًا على السعادة وتتجنب الأفراح وخاصة الصغيرة منها، ما جعل الكثيرين في رحلة شقاء بسبب عدم الاستمتاع، والركض نحو السعادة النهائية التي قد تكون هلامية وتتجاهل اللذة في اللحظات الكثيرة والتفاصيل الصغيرة. لا توجد مفاهيم محددة للاستمتاع ولا لتعريف اللحظات، وليس هناك عوامل وظروف ثابتة لهما، لكنهما يسكنان -بالدرجة الأولى- في دواخلنا، وكيفية رؤيتنا للأحداث ودلالاتها، والتفاعل معها إيجابًا أو سلبًا، ومنحها المساحة الكاملة للزهو والابتهاج، وعيشها بكل شغفها وشغبها. من المشكلات الدائمة السكن بالأحزان عمرًا كاملاً، والمرور بالأفراح كعبور، ما يوهمنا أن أغلب اللحظات حزينة من خلال تضخيمها وتصديرها، الموازنة الواقعية بين اللحظات، واستشعار اللذات بوعي، وعدم المقارنة مع الآخرين، والتجرد من التعريفات الرخيصة؛ كلها معطيات تفضي بنا للعيش في أفراح حقيقية، تنعكس بإيجابية على شخصياتنا وفلسفاتنا في الحياة، باختلاف متغيراتها. الفكرة الأهم هي أن البعض غير عارف بنفسه، ما يصعب من مهمة التعرف على ما يفرحه، ويدفعه أحيانًا لاستئجار أفراح الآخرين، أو اعتبار طرقهم مسارًا مناسبًا له للاستمتاع، ونتاج ذلك غالبًا عدد لا محدود من الحلقات المفرغة التي تتخبط المسير وتعاود الوصول لذات النقطة التائهة! عيش اللحظة بكل ما تمثل من لذة، يجعلنا نتنبه للمكاسب الصغيرة المؤدية للرضا الكبير، والموصلة لاحقًا لحلم السعادة المنتظرة.. وليس مجرد التركيز في الأحزان وما يكدر صفو أوقاتنا، وبناء جبل من الغضب ينهار دون موعد، أو ينفجر كبركان يلغي كل شعور. والسلام..