مصيبة تحل وكارثة تقع حين يتحول الفرح والابتهاج إلى حالات من الحزن والانكسار..والى لحظات كئيبة تتقطع منها القلوب..وتجود العيون بصافي مدامعها..وتنقلب ساحات الفرح إلى مأتم لا يقطع صمتها المطبق سوى الأنات والنحيب. يحدث هذا في الكثير من المناسبات التي تمر علينا..أعياد..أيام وطنية.. عطلات..إجازات لأننا ببساطة لا نملك ثقافة الفرح التي تمكننا من التعبير عما تجيش به نفوسنا بطرق حضارية راقية تجلب لنا المتعة وتجنبنا وغيرنا مغبة الوقوع في الكوارث والحوادث.. وعل سبيل المثال في الأيام الماضية من الله على بلادنا بنعمة المطر الذي انتظرناه طويلا نتيجة الجفاف كون هذه البلاد تقع في كبد الصحراء..ولهطول الأمطار في وقت مبكر صادف دخول "الوسمي" وهو أفضل الأوقات على مدى العام. وبدلا من أن تكون أفراحنا عقلانية..إلا أن ما حدث كدر صفو الفرح فآلالف الشباب خاضوا بسياراتهم غمار الأودية بسيولها الجارفة مما تسبب في غرق عدد منهم وهم في ريعان شبابهم.. وآخرون اخترقوا الطرق يقودون مركباتهم بسرعات جنونية أدت مع تلك الأجواء إلى الانزلاقات والانقلابات وحوادث الاصطدام وحصد أرواح الأبرياء. يحدث كل هذا رغم التحذيرات المستمرة التي تطلقها الأجهزة المعنية ووسائل الإعلام بضرورة اخذ الحيطة والحذر والهدوء إلا أن شيئا من ذلك لا يطبق فبمجرد ركوب السيارات ننسى كل شيء. ظاهرة غريبة وعجيبة فلا أدري لماذا نحن هكذا..فأبسط مناسبة ولو كانت إجازة يوم واحد تخرجنا عن أطوارنا..و فوز فريق في كرة القدم يدفعنا إلى بث الإزعاج والقلق لدى الآخرين وقد يؤدي إلى التهور والتفحيط والسرعة الجنونية التي تودي بأرواح العشرات في مظاهر بهجة زائفة وغير مبررة. بكل تأكيد البهجة بالأمطار والفرح بالغيث مشروع ومبرر فارتواء الأرض ونقاء الأجواء وصفاء النفوس وانبعاث روح الأمل وإشراق نور التفاؤل كلها كفيلة بغمر النفوس بالسعادة والفرح والبهجة ولكنها لا تبرر مطلقا التهور والتصرفات الهوجاء والغوغائية إلتي تحيل تلك الأفراح إلى أحزان كالذي حدث في حي المونسية بالرياض حين بالغ شاب في إعلان أفراحه بالمطر بالتفحيط ليتسبب في حصد أرواح ستة بينهم رجل مسن!! أكبر مشكلة نعانيها عدم امتلاكنا لثقافة الفرح والتي لا تمت إلى الهوج والغوغاء والهستيريا التي نشاهدها بصلة وإنما تتجاوز كل تلك الأفعال المرفوضة لتعني أن التعبير عن الفرح يقتضي أن تعبر عن مشاعرك وفرحك بطريقة تجنبك وغيرك المخاطر وتترك الأبواب مشرعة لك ولغيرك بالاستمتاع والتعبير الحضاري عن الفرح دون تجاوز ذلك إلى جلب الإيذاء للنفس وللغير. هي دعوة للفرح المبهج لا المحزن..الفرح الجميل مع الأهل والأبناء والأصدقاء..والتمتع الكامل بكل المباحات..فرح جميل..دون غوغائية قد تجلب لنا الأحزان في أي لحظة.