قال أحد الحُكماء: الفلوس ليست كُلّ شيء. رد عليه أحد الظرفاء: ولكن كُلّ شيءٍ بفلوس، وبصرف النظر عن هذه القصة الطريفة.. ينبغي أن نعلم أن الفائدة ليست في امتلاك المال ذاته بقدر ما هي في حسن إدارته وصرفه على الوجه الذي يحقق الخير ويجلب المنفعة. والعاقل من يجيد التعامل مع المال ويحسن إدارته باعتباره مسؤولية يستشعرُها، وأمانة يسأل عنها. والعالم من حولنا تزخر كثير من دوله بكنوز لا حصر لها، ومقدرات مالية تثير العجب. ولكن هذه الثروات على كثرتها وتنوعها وقعت في أيد غير أمينة ولا جديرة. فسخرتها لغير رفاه الإنسان، واستعملتها في غير تنمية الأوطان. والمملكة العربية السعودية الغنية بالنفط والثروات الطبيعية والموقع الجغرافي المميز الذي جعل منها قوة سياسية واقتصادية كبرى. يتولى زمامها قيادة بالغة الحصافة، تتحرى الأمانة في إدارة الموارد، وتتوخى الحكمة في الإنفاق. وهذه السياسة نهجٌ ثابتٌ وأسلوبٌ مُتّبعٌ منذ التأسيس، سار عليه الملكُ عبدالعزيز - رحمه الله - وتبِعَهُ أبناؤه الملوك من بعده. وفي يومنا هذا حيث تطور النهج الإداري للمملكة بشكلٍ مُذهل وتجددَ شبابُها على يد ولي عهدها الأمين الأمير محمد بن سلمان بتوجيهٍ من قائد المسيرة المباركة الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - تحدّثت المؤسسات الاقتصادية وتطورت لتكون أكثر فاعلية في إدارةِ ثروات الوطن وتنميتها. وفي مقدمة هذه المؤسسات، صندوق الاستثمارات العامة، الذي تحدث عنه ولي العهد قبل أيام وزفّ إلينا البُشرى بنجاحه في تحقيق نموٍّ كبير، حيث ضاعفَ أصوله إلى ألف وخمس مئة مليار ريال بنهاية العام 2020، وأطلق حزمةً من الاستثمارات في قطاعاتٍ جديدة داخل المملكة وخارجها. واستحدث وظائف فاق عددها الثلاث مئة ألف وظيفة. هذا فضلاً عن ما بشر به ولي العهد من أن صندوق الاستثمارات العامة سوف يخلق خلال الخمس سنوات القادمة وظائف جديدة تقدر بمليون وثمان مئة ألف وظيفة في عدد من القطاعات. هذه الإنجازات المشهودة التي تحدث عنها - بالأرقام - سمو ولي العهد تُثبت أن صندوق الاستثمارات العامة ليس ذراعاً استثمارية للمملكة فحسب؛ بل هو المُحرك الرئيس لتنويع الاقتصاد وخلق الوظائف. وبهذا يحق لنا القول إن صندوق الاستثمارات العامة أصبح مضرب المثل في حُسن إدارة الثروة وتنميتها لينعمَ بها الوطنُ والمواطن، كما يحقّ لنا القول أيضاً أن رؤية 2030 لم تَعُد حُلماً يُنتظر؛ بل هي الواقعٌ الذي يتحققُ كُلّ يوم.