عندي، منذ وعيت، هوايات عديدة، ظلت تتقلص حتى انحصرت في ثلاث هوايات، وهي القراءة، والكتابة، وتأمين مقاضي البيت. وكنت وما زلت أمارس هذه الهوايات يوميا؛ فمن النادر أن لا أقرا، أو أكتب، أو أتسوق يوميا حتى لو لم يكن منزلي بحاجة ملحة، لغرض أو حاجة للبيت؛ وسوف أترك القراءة والكتابة؛ لأتحدث عن هواية التسوق وهي هواية جميلة متجددة، خفيفة الظل، تشبه ممارسة الرياضة، ومن تعلقي وحبي لهذه الهواية، أذهب يوميا، وفي أوقات محددة، إلى بقالة الحي الصغيرة، أو إلى السوق العام، الذي تعرض فيه الخضروات واللحوم والأسماك والفواكه، أو إلى السوبر أو الهايبر ماركت، لشراء ما يحتاجه منزلي من أغراض للطبخ والنظافة، حتى أصبحت أملك خبرة واسعة، في حركة الأسعار اليومية، هبوطها، وارتفاعها، وتقلبها. وخبرة في نوعية ومستوى وصلاحية السلع المعروضة، التي تلجأ محلات السوبر ماركت، لعمل تخفيضات موسمية عليها، مقارنة بتلك التي تظل أسعارها مستقرة، أو خاضعة لحركة العرض والطلب في الأسواق المحلية والعالمية، وبناء على ذلك، بت أفرق بين السوبر ماركت الجماهيري الشعبي، والسوبر العصري الذي يلجأ إلى الشطط في الأسعار، اعتمادا على نوعية معروضاته، وعلى المستوى المادي أو الاقتصادي لمرتاديه، وفي مثل هذا النوع من الأسواق، غالبا ما تكون هناك بضائع أو منتوجات عالمية، قد لا يلتفت إليها المتسوق العادي، أو لا تهتم بها الأسر الشعبية أو المتوسطة الحال، بناء على مستواها الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي. وقد وجدت، من واقع هذه الخبرة، أن أصحاب البسطات أو بعضهم، الذين يعرضون بضاعتهم على الأرصفة ونواصي الطريق في سياراتهم الخاصة، يلعبون على ما هو متعارف عليه، أن أسعارهم رخيصة مقارنة بأسعار السوبرماركت، وأن بضاعتهم جديدة وطازجة على الدوام، لأنهم لا يملكون مستودعات أو ثلاجات أو محلات تخزين؛ لذلك يحرصون على تصريف ما بين أيديهم من بضاعة في أقصر وقت وبأسعار تنافسية، حتى أولئك الذين يجلسون في بسطات بالأسواق المركزية، التي تقدمها البلدية للمواطنين بأجور رمزية، لا تختلف أسعارهم عن الذين يقفون على قارعة الطريق؛ كل هؤلاء أسعارهم كثيرا ما تكون مبالغا فيها، وهي كما أسلفنا، أعلى من أسعار السوبر ماركت، الذي يعتمد على موردين لا يعملون لديه! ورغم هذه المواهب في شراء الخضروات والمعلبات، فإنني نادرا ما أدعى لإعطاء الرأي، في تنفيذ ما أحضرته على أرض المطبخ؛ حصل هذا في منزلنا في المدينة، عندما كانت أمي، - رحمها الله -، تدير البيت، وهي التي تطبخ وتنظف، وتسهر على راحتنا، حتى ونحن رجال، ونفس الحال كان في منزل "العزوبية" في الرياض، حيث كان هواة آخرون، يتولون الطبخ والنفخ عن طيب خاطر، وكانوا يرفضون أي خروج لي على المهمة، التي رضوا أن أقوم بها، وهي جلب المقاضي من المقيبرة، حتى استقر الحال على منزل عائلتي الخاصة، ولا أدري هل تتهور زوجتي في يوم ما، وتسمح لي بالوقوف معها في المطبخ لإعطاء الرأي والتوجيه فيما تطبخ، أشك في ذلك!