لا شك أن الوقت أصبح مناسباً لإنشاء محاكم طبية متخصصة على غرار المحاكم العمالية، أو التجارية وغيرهما، وليس في الأمر شبهة تربص بالممارس الصحي، ولكن هذا الأمر يسهم في تقليص «القضايا المتكدسة» في الهيئات الصحية الشرعية، ومن ثم يصعب البت فيها قبل سنوات. إن إنشاء محاكم طبية للنظر في قضايا الأخطاء الطبية المهنية وغير المهنية يستلزم التعاون بين وزارتي الصحة والعدل، من خلال خلق جهة قضائية مختصة بالأخطاء أو القضايا الطبية، وعلى دراية كاملة بالأنظمة والتشريعات الصحية في البلاد، التي يجهلها الكثيرون. اليوم.. الأخطاء الطبية أضحت هاجساً مقلقاً، مما ينذر بتردي حالات الثقة بين المرضى والمراجعين، والممارسين الطبيين على اختلاف تخصصاتها، كما أن المحاكم المختصة ستكون قادرة على تقدير حجم الأخطاء وتصنيفها مهنية كانت أو غير مهنية، بل ستكون أكثر قدرة على تبرئة الكثيرين منهم، دون انتظار لمسار طويل في طابور المحاكم العادية غير المتخصصة. وهناك نقطة في غاية الأهمية يجب تسليط الضوء عليها، تتمثل في مرجعية الهيئات الصحية ولجانها، التي يتم أمامها رفع الشكاوى والدعاوى، حيث إنها قد تفقد استقلاليتها، فكيف لطبيب أو كادر تمريضي يحاسب نظامياً أمام جهة تمثل الخصم والحكم في نفس الوقت، ومن ثم سيكون الشاكي هو النقطة الأضعف في هذا المثلث، مما يفقد ربما هذه الجهات أو المرجعيات صدقيتها عند المتضررين، لذا من الضروري جدا العمل على إيجاد منظومة قضائية مستقلة ومتخصصة للفصل في تلك النزاعات لضمان النزاهة والحيادية، والسرعة في نفس الوقت. لقد اجتمع وزيرا العدل والصحة في العام 2017م لبحث مسألة نقل اختصاصات الهيئات الطبية الشرعية إلى وزارة العدل، وذلك تفعيلاً للائحة التنفيذية لنظام القضاء، والربط الإلكتروني بين الوزارتين لتناقل التقارير الطبية بين المحاكم واللجان الطبية والمستشفيات بشكل فوري، وكذلك تزويد وزارة العدل بإشعارات الوفاة بشكل فوري للاستفادة منها في إيقاف الوكالات وغيرها.. والسؤال: ماذا تم منذ ذلك التاريخ حتى اليوم؟.