تنبأ مركز "cebr" البريطاني للاقتصاد وأبحاث الأعمال في دراسته الجديدة أن تزيح الصينالولاياتالمتحدة عام 2028 من موقعها كأكبر اقتصاد في العالم وتحل محلها. وهذا أمر له تبعاته، فاقتصاد الولاياتالمتحدة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن وهو أكبر اقتصاد على هذه المعمورة. والسبب يعود إلى أن تحول الصين إلى القوة الاقتصادية الأولى في العالم، لن يمر دون التأثير على بقية التوازنات. وأول ما يتبادر للذهن، هو أن الصين سوف تحاول أن تترجم قوتها الاقتصادية إلى قوة سياسية عالمية وتوسع مناطق نفوذها لتنتزع لنفسها أكبر قدر ممكن من التنازلات - مثلما فعلت الولاياتالمتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. وليس ذلك وحسب. فتحول الصين إلى أكبر قوة اقتصادية في العالم يختلف عن التحول الذي حدث في القرن الماضي- عندما أصبحت الولاياتالمتحدة أكبر قوة اقتصادية. فأخذ الولاياتالمتحدة المكانة التي كانت تشغلها المملكة المتحدة، التي كانت في يوم من الأيام الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لم يؤد إلى تغيير في أسس النظام العالمي- اللهم نظام المستعمرات، الذي ذهب ضحية لتبدل المواقع الاقتصادية. وهذا يعود إلى أن الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة كلاهما ينتميان إلى نفس المدرسة الاقتصادية والسياسية والفكرية. وهذا ما لا يمكن أن نقوله عن الصين. أن الصين تختلف عن أميركا- فهي قد حققت ما حققته ليس فقط بالاعتماد على آلية السوق، وإنما أيضاً للدور الذي لعبه ويلعبه القطاع الحكومي في الاقتصاد- وهذا يغير المعادلة. فتحول الصين عام 2028 إلى أكبر اقتصاد في العالم سوف يؤدي، نتيجة لذلك، ليس فقط إلى تعزيز الموقع الاقتصادي والنفوذ السياسي للصين، وإنما الأيديولوجي أيضاً. والمقصود هنا ليس الاشتراكية، وإنما دور الدولة في الاقتصاد الذي استهان به جون ويليامسون الذي وضع مسودة المبادئ العشرة التي شكلت ما صار يعرف بإجماع واشنطنWashington Consensus، والتي أصبحت تعويذة، يتم وصفها من قبل صندوق النقد الدولي للدول النامية. إن العالم بعد عام 2028 سوف يشهد قيام مؤسسات مالية غير صندوق النقد والبنك الدولي، أو بالإضافة إليهما- مؤسسات تأخذ بعين الاعتبار مشاريع الصين، مثل طريق واحد وحزام واحد وغيره، وكذلك توجهات الصين وفلسفتها الاقتصادية القائمة على أساس الدور المحوري للقطاع الحكومي في الاقتصاد. وهذا ما تنبهت له مندوبة المملكة المتحدة في مجلس الأمن كارين بيرس، في المقابلة التي أجرتها معها بلومبرج، والتي دعت فيها إلى عدم السماح للصين وروسيا بالانتصار في المعركة مع جائحة كوفيد-19، لأن ذلك سوف يعزز موقعها الأيديولوجي في العالم.