تطور تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى المملكة جاء وفقا لرؤية 2030، التي قدمها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحقيقا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بوضع أهداف استراتيجية تعبر عن طموحاتنا وتعكس قدرات بلادنا، منها تنويع وتوسيع القدرة التنافسية للاقتصاد والارتقاء بمكانة المملكة مالياً في الأسواق العالمية، حيث تعتمد رؤية 2030م على 3 محاور ذات ميزة تنافسية، وأن تحقق المملكة خلال السنوات القادمة عددًا من المراكز المتقدمة عالميًا في مجال التنافسية والاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال منها، الوصول لأحد للمراكز العشرة الأولى في مؤشر التنافسية العالمية، والارتقاء بترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية إلى المركز ال25، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي. وتشير الأرقام إلى أن السعودية تمكنت خلال العام 2019 من التحول إلى أهم مصادر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وذلك بعد سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها المملكة مؤخرا، الهدف منها تجاوز الاعتماد على عائدات بيع النفط، وتنويع الاستثمارات ورفع الإيرادات بشكل عام. من جانب آخر أشارت الهيئة العامة للاستثمار بالسعودية إلى أن الشركات "الصينية والبريطانية والأميركية" كان لها النصيب الأكبر في نمو أعداد التراخيص الصادرة، وبخاصة في قطاعات تقنية المعلومات والاتصالات والتعليم، وذلك بفضل إتاحة السعودية الملكية الكاملة للمستثمر الأجنبي، وأن هناك زيادة ملحوظة في أعداد الشركات التي ترغب في الاستثمار بالبلاد، وأشارت بيانات الهيئة إلى أن أعداد التراخيص الممنوحة للشركات الأجنبية والمحلية المستثمرة ارتفعت بنسبة كبيرة تصل إلى 90 % خلال الربع الثالث من العام الماضي، ويشكل الاستثمار المباشر داخل الاقتصاد السعودي نحو 52.1 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية بنهاية الربع الثاني من العام 2019. إلى ذلك، لفتت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، إلى ارتفاع قيمة الاستثمارات الأجنبية في السعودية بنهاية الربع الثاني من العام 2019 إلى نحو 1.685 تريليون ريال (449.3 مليار دولار)، مسجلة نمواً تبلغ نسبته نحو 10.95، بما يعادل 165.73 مليار ريال (44.19 مليار دولار) على أساس سنوي، و3 % بما يعادل 49.81 مليار ريال (13.28 مليار دولار)، مقارنة بنهاية الربع الأول من العام 2019. من جانب آخر، ذكر تقرير صادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، أن جهود السعودية الهادفة لتنويع الاقتصاد تضع الاستثمار الأجنبي المباشر كأولوية رئيسة لها، حيث استطاعت إنشاء بعض المشاريع الجديدة خارج قطاع النفط والغاز. وأشارت البيانات إلى أن الرصيد الإجمالي للاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة للسعودية ارتفع إلى 230.79 مليار دولار بنهاية 2018، مقابل رصيد الاستثمارات الأجنبية الخارجة، والتي بلغت نحو 105.66 مليارات دولار خلال العام 2018. وفي تطور آخر، أعلنت السوق المالية السعودية "تداول" أن صافي مشتريات الأجانب عبر الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الأسبوع المنتهي في ديسمبر الجاري ، قد بلغ 5ر83 مليون ريال. أما استثمارات الأجانب عبر اتفاقيات المبادلة، فبلغ صافي مبيعاتهم من خلالها 8ر28 مليون ريال في نفس الأسبوع . وحول ذلك، أشار المحلل الاقتصادي الدكتور عقيل بن كدسة، منذ إعلان رؤية المملكة 2030 ونحن نعيش مرحلة انتقالية في جميع المجالات، مرحلة نفخر جميعًا أن نكون جزءا منها. هذه الرؤية الطموحة التي يقودها ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، هذه الرؤية تهدف لزيادة وتنويع مصادر الدخل وتزيد من اندماجه مع الاقتصاد العالمي وذلك لدعم الخطط التنموية للمملكة وزيادة الفرص الوظيفية والاستثمارية للمواطن السعودي. وقال كدسة، إن تصريح هيئة السوق المالية بوصول قيمة مشتريات الأجانب لأكثر من 83 مليون ريال خلال الأسبوع المنصرم ما هو إلا دليل واضح على أن ما نسعى للوصول إليه في 2030 أقرب مما نتصور، هذه الأرقام تعتبر عالية جدًا مقارنة بعمر السوق السعودي في مرحلة الاستثمار الأجنبي. وهذه الأرقام تجعل السوق السعودي أكثر إغراءً للمستثمرين الأجانب خصوصًا في ظل النهضة التي تعيشها المملكة حتى في أصعب الظروف العالمية. هذا الإغراء يزيد من رغبة المستثمرين الأجانب في الدخول للسوق السعودي ويجعل السوق السعودي على رأس قائمة المستثمرين الذين يسعون للاستثمار في الشرق الأوسط، مما يدعم رؤية المملكة 2030 وكذلك يؤكد أننا بإذن الله سنصل لأهداف تلك الرؤية قبل العام 2030. بدوره قال المحلل الاقتصادي أحمد الشهري، يمكن لفت النظر إلى أن الأداء المالي للأسواق المالية يرتبط بالسياسات النقدية والاقتصادية بشكل وثيق، ولذا فإن معدلي سعر الفائدة المنخفض والعرض النقد العالي والذي تخطى رقما قياسيا جديدا في سبتمبر الحالي شكلا عوامل محفزة لصعود الأسواق المالية وفي ذات الوقت القدرة المالية للبلاد وحجم النقد الأجنبي العاليين كلها تقدم ضمانات غير مباشرة للاستثمار الأجنبي لضخ مزيد من الاستثمارات ولاسيما أن الدول التي توجه الأزمة الحالية بسعر فائدة منخفضة وعرض نقدي العالي هي دول قليلة والسعودية ضمن تلك الدول، ولهذا فإن خيارات الاستثمار في الأسواق المالية السعودية يعد عامل جذب إضافي لضخ مزيد من الأموال إلى سوق الأسهم الذي يتمتع بتلك اللياقة المالية والنقدية.