جاء تأكيد وكالتي موديز و”فيتش” للتصنيف الائتماني للمملكة عند “+A” مع نظرة مستقبلية مستقرة ، تجديدا للثقة في استمرار نجاح برنامج التوازن المالي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في مختلف القطاعات ، مع التخفيض المتسارع في نسبة الاعتماد على المداخيل النفطية. فقد اوضحت وكالة موديز لخدمة المستثمرين في تقرير لها امس أن القوة الائتمانية للمملكة العربية السعودية (A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة) مبنية على قوة وضع المالية العامة ، بالإضافة إلى وجود سيولة كبيرة في المخزون الخارجي، واحتياطيات كبيرة من النفط ذات تكاليف استخراج منخفضة، مؤكدة أن الميزانية العمومية قوية. وتتوقع الوكالة أن ينمو اقتصاد المملكة بشكل سنوي خلال السنوات الخمس المقبلة. ومع ذلك، فإن التقدم في خطط الحكومة لتنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية بعيداً عن النفط يمكن أن يرفع إمكانات النمو على المدى الطويل. وتستمد القوة المالية العامة المرتفعة جداً للمملكة من المخزونات المالية الكبيرة للحكومة، وتعكس النظرة المستقبلية المستقرة للتصنيف السيادي وجهة نظر بحسب وكالة موديز ، التطورات الإيجابية من تنفيذ الإصلاحات التي تعزز القدرة التنافسية وفرص العمل في القطاع الخاص مع تحقيق التوازن في الميزانية، بغض النظر عن تقلبات أسعار النفط. كما أكد تقرير(فيتش) القوة المالية التي تتمتع بها المملكة بما في ذلك الاحتياطيات الأجنبية، وخفض نسبة الدين العام ، بالإضافة إلى الأصول الضخمة، كما تمتلك المملكة أحد أكبر الأصول السيادية للدول المصنفة لدى الوكالة. هذا التأكيد الثاني من “فيتش” لمستوى التصنيف المتقدم يأتي بعد تثبيته خلال العامين الماضيين ، كاستحقاق طبيعي للمسار الاقتصادي الذي سبق وحددته “فيتش” واستند على تلك العوامل الإيجابية المشار إليها، ومنها أيضا قوة الميزانية العامة ، وصولًا إلى مستهدفات رؤية 2023 . لقد أثبتت المملكة صواب تخطيطها واجراءاتها في برنامج التحول الوطني نحو نمو متصاعد ومستدام ، وهاهي تحصد مزيدا من التنوع الذي يعكس قوة ومتانة الاقتصاد وبتقديرات حددتها المملكة وفاقت توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية ، وهو ما أكده وزير المالية محمد الجدعان قبل أيام خلال المؤتمر المالي حيث رأى أن نسبة النمو المتوقعة للاقتصاد السعودي في العام الحالي 2019 م ، ستفوق ما توقعه صندوق النقد الدولي ، وما كشف عنه بأن المملكة حققت فائضاً في ميزانية الدولة بقيمة 27.8 مليار ريال في الربع الأول من العام الحالي ، وهو أول فائض للميزانية منذ عام 2014 ، مستدلا في ذلك بمعطيات قوية متحققة وموثقة بالاحصائيات والأرقام خلال الأشهر الثلاث الأولى من هذا العام. فقد ارتفع إجمالي الإيرادات بحوالي 48% خلال الأشهر الثلاث الأولى من العام الجاري، مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي 2018، كذلك ارتفاع الإيرادات غير النفطية بأكثر من 3 أضعاف مما تحقق في نفس الأشهر المماثلة عام 2014 ، إذ بلغت حوالي 76.3 مليار ريال مقارنة ب 21.9 مليار ريال ، مترجما بالنتائج حجم التقدم الملحوظ في أداء المالية العامة منذ انطلاق برنامج تحقيق التوازن المالي ، كما ارتفع إجمالي الإنفاق بحوالي 8% لنفس الفترة مما يعكس القدرة المتزايدة على الإنفاق وهو مؤشر التعافي والنمو وبما ينعكس إيجابا على انتعاش حركة الاقتصاد للأمام. وبالقياس السنوي بلغ إجمالي قيمة الصادرات السعودية النفطية وغير النفطية نحو 1.104 تريليون ريال ما يعادل 294.4 مليار دولار في إجمالي 2018، وارتفاع فائض الميزان التجاري لصالح المملكة مع الكثير من الدول ، في المقابل، بلغ إجمالي قيمة الواردات السلعية من الخارج، نحو 507 مليارات ريال ، فيما بلغت قيمة الصادرات غير البترولية في العام الماضي نحو 236 مليار ريال، مايعادل 63 مليار دولار، مقارنة مع قرابة 198 مليار ريال (نحو 52.8 مليار دولار خلال العام السابق عليه 2017) وهكذا يأتي الصعود اللافت في الصادرات غير البترولية، مع تبني المملكة خطة إصلاح اقتصادي ضمن رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى خفض الاعتماد التدريجي على النفط الخام، عبر تنويع الاقتصاد وإدماج القطاع الخاص في مشاريع اقتصادية غير بترولية. مؤشر آخر قوي وهو الاستثمارات الأجنبية المباشرة المواكبة لهذا النمو ، والتي تعكس الثقة في الاقتصاد السعودي والتحسن الكبير في مناخ الاستثمار وبيئته الواعدة في ظل المشروعات الضخمة في كافة المجالات وتطوير الأنظمة وحرص الدول الصناعية على عقد شراكات اقتصادية ضخمة تعزز صدارة المملكة في قائمة الدول الجاذبة للاستثمارات ، حيث ارتفعت بنسبة 28% في الربع الأول من العام الحالي ، والحديث هنا مجددا للأرقام التي سجلت قيمة الاستثمارات الأجنبية في المملكة بنهاية العام الماضي 2018 بنحو 1.49 تريليون ريال وهي أعلى مستوياتها التاريخية كإحدى أهم الأهداف الحيوية الطموحة لرؤية 2030. وكان مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي قد قال مؤخرا إن تقديرات الصندوق تُشير إلى أن النمو الاقتصادي للمملكة في 2019 قد يكون مرتفعا عن التوقعات السابقة ، نظرا لتوسع القطاع غير النفطي وتسارع نموه ، مفيدا بأنه من المتوقع أن يكون النمو غير النفطي عند 2.6% هذا العام و2.9% لعام 2020″. هذه الشهادات الدولية تدعم الثقة بالسياسة الاقتصادية للمملكة السعودية، ومصداقيتها في العمل والإنجاز والإرادة على انجاز برنامج تنويع مصادر الدخل ومراحل الرؤية ، والحرص على التقدم بثقة وتخطيط سليم وفق قواعد وإجراءات منضبطة، لذلك استطاعت تجاوز المناخ العام للاقتصاد العالمي ومايثار من توقعات متدنية تلامس حد المخاوف من الركود وتراجع النمو حتى للاقتصاديات الكبرى بما في ذلك دول أوروبية وهكذا تعكس هذه التقديرات الإيجابية الثقة من قبل وكالات التصنيف العالمية في الاقتصاد السعودي، وفي فاعلية الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة بشفافية عالية