تزخر المملكة العربية السعودية بكنوز تاريخية ضاربة في العراقة؛ فهي من التنوع والثراء الثقافي والحضاري ما يجعل الوقوف على هذه الكنوز مهمة ثقافية ذات قيمة معنوية رفيعة. وقد أدى هذا التنوع في الأماكن والشواهد والآثار التاريخية إلى أن تتبوأ المملكة مكانة سامقة على المستوى الدولي، وقد شاهد الجميع كيف أن الكثير من آثارنا التاريخية تم تسجيلها في منظمة اليونسكو كتراث ثقافي غير مادي عريق وأصيل. ومن هذه الشواهد التاريخة التي ما زالت شاخصة بعظمتها التاريخية؛ موقدة حاتم الطائي الشهيرة بالكرم، والتي تمثّل قيمة ثقافية وتاريخية مهمة، وتقع موقد حاتم الطائي في أعلى جبل السمرة في مدينة حائل، كذلك لا يزال بقايا أطلال قصره فقد كان يسكن جبال طيء "أجا وسلمى"، وذكرت مجلة الأجيال "الموقدة رمز الكرم الحاتمي فهي الجبل الأسمر المنتصب شرق مدينة حائل تحتضن وادي حائل (الأديرع) سميت بهذا الاسم لأن حاتم الطائي يأمر مواليه بإشعال النّار فوق قمتها في الليالي الداجية حتى يراها السراة فيحلون عليه ضيوفاً وقد قال شِعره الذي يؤكد ذلك". ويرتبط اسم حاتم الطائي بالكرم والخصال النبيلة؛ حيث تحفل سيرة الكرماء بالسيرة العطرة والتاريخ المشرف والمجد الثمين. ومعروف أن حاتم الطائي أمير قبيلة طيء؛ الذي أدهش الناس في حياته وبعد مماته بكرمه وشهامته على مدى التاريخ العربي فقد ضرب أعظم الأمثلة وأروعها في الكرم والجود ونجدة المحتاج، وعند ذكره نلمس الأصالة والمروءة المميزة منذ قديم الزمان وفي كل وقت ومكان.. فالعربي كما هو معروف دائماً يحرص على أن يحقق المجد والشرف، ويرتفع ذكره وقدره وتسمو منزلته ومكانته في قومه، وكان يحرص أشد الحرص على أن يشتهر بذلك، ولم يكن حاتم كريماً في عطائه بل تجسّد كرمه في أفعاله وأخلاقه وكان عفيفا طاهرا. وكما هو معروف أن الكرم من مكارم الأخلاق، ولا يوصف به إلا كل ما سما قدره، أما البخل فهو من الصفات الذميمة ودائماً يرى البخيل أن المال هو الهدف والغاية التي يسعى من أجلها، فيصبح أسيراً للمال الذي جمعه ويبخل على نفسه ويضيّق على من حوله. وكان حاتم الطائي من شعراء العرب الذين امتاز شعرهم بصدق الأقوال والأفعال، وكثيراً ما تضمنت البلاغة، وعمق المعاني، وروعة الأفكار، ومن قصائده الشهيرة عندما لامته زوجته نوار وحاولت أن تردعه عن أفعال الكرم التي كان يقوم بها فأنشد يعاتبها لأنها لامته على كرمه: مهلاً نوار أقلي اللوم والعذلا ولا تقولي لشيء فات ما فعلا ولا تقولي لمالٍ كنتُ مُهلكهُ مهلاً وإن كنتُ أعطي الجن والخبلا يرى البخيلُ سبيل المالِ واحدةً إن الجوادَ يرى في مالهِ سُبُلا إن البخيل إذا ما ماتَ يتبعهُ سوءُ الثناءِ ويحوي الوارثُ الإبلا فاصدُق حديثك إن المرء يَتبَعُهُ ما كان يبني إذا ما نعشه حُملا ليت البخيلَ يراهُ الناسُ كُلهمُ كما يراهم فلا يقرى إذا نزلا لا تعذليني على مالٍ وصلتُ بهِ رحماً وخيرُ سبيلِ المالِ ما وصلا يَسعى الفتى وحِمامُ الموْتِ يُدرِكُه وكلُّ يوْمٍ يُدَنّي للفتى الأجَلا إني لأعلم أني سوف يدركني يومي أصبح عن دنياي مشتغلا قبر حاتم الطائي بقرية «توارن»